الخميس، 16 نوفمبر 2017

السودان.. نقلة نوعية في المحيط الاقليمي والدولي

في الرابع والعشرين من اكتوبر 2017م قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مقره بجنيف انتخاب مرشح السودان، طارق ابراهيم الكردي لرئاسة مؤتمر الأمم المتحدة لشئون الأقليات في العالم والذي من المقرر ان ينعقد هناك في الفترة
من 30 نوفمبر حتى الأول من ديسمبر 2017م.
المرشح السوداني طارق الكردي سبق وأن عمل لفترات طويلة بالمفوضية السامية للاجئين التابعة للمنظمة الدولية وتقلد آخر منصب له في هذا الصدد مديراً لمكتب الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أن تقاعد مؤخراَ. وهذا يعني أن الرجل يملك مواصفات وخبرة دولية من المؤكد أنها أهلته للفوز بالمنصب الدولي الرفيع.
ويقول رئيس مجلس حقوق الإنسان (الكساندر خواكين) في هذا الصدد إن قرار الترشيح جاء وليداً لمشاورات مكثفة فيما بين المجموعات الإقليمية  المعتمدة لدى مجلس حقوق الإنسان، ومكتب الأمم المتحدة بحنيف. الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل ممثل ومندوب السودان الدائم في جيف قال إن التشريح جاء تتويجاً لجهود حثيثة قامت بها بعثة السودان الدائمة هناك، مؤكداً أنها المرة الأولى التى يترأس فيها السودان هذا المؤتمر الدولي الهام.
والواقع ان هذا النجاح السوداني لا يمكن قراءته بمعزل عن التطور الاستراتجي المهم الذي اختطه السودان مؤخراً لكي يقوم بدور استراتيجي فاعل في المحيط الإقليمي والدولي. فالأمر هنا لا يتعلق بمجرد ترؤس خبير دولي يحمل الجنسية السودانية لمؤتمر دولي مهم؛ الأمر اكبر من ذلك وأعمق بكثيرة، ذلك إن السودان وقبل عامين أو ثلاثة كان بالكاد ينجح في الخروج من اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بحنيف بلا إدانات وملاحقات حقوقية، وكان بوسع أي مراقب أن يلاحظ إن القوى الدولية عادة ما تعمل على إرباك هذا البلد وتقييده بشتى السبل حتى يظل دائراً في فلك ضيق لا يخرج منه أبداً.
وكان يمكن للسودان ان يصاب باليأس جراء هذه الكمائن الدولية المعدة بإحكام والتى لا تستند مطلقاً إلى أي حيثيات موضوعية، هي فقط محض مزاعم لاغراض سياسية بأكثر مما هي حقيقية، غير إن إستراتيجية السودان المتحللة من اليأس والقنوط تحولت إلى إستراتيجية ايجابية قادرة على تحويل الضعف إلى قوة والهزيمة إلى نصر.
نشطت كل جهود السودان في تقديم وجه هذا البد الحقيقي والصحيح بصبر وأدب نادر حتى خرج اجتماع الدورة الأخيرة لمجلس حقوق الإنسان خال من أي إدانات بإجماع الآراء. إذ من الطبيعي أن يتسع طموح هذا البلد وان يسعى ليكون أيقونة دولية وهو ما حدث بالفعل، إذ انه وفي اللحظة المناسبة احدث نقلة من خانة البلد المنبوذ دولياً -بفعل المؤامرات الدولية- إلى بلد قادر على التعاطي الايجابي مع قضايا العالم.
 ولا شك أن شئون الأقليات في العالم أمر وثيق الصلة بقضايا حقوق الإنسان من جهة، وقضايا الحروب والمنازعات الأهلية من جهة أخرى، وهي أمور عانى منها السودان ودفع ثمنها دولياً، كما لم تدفعه دولة من دول العالم وهذا يعني أن السودان مرتكزاَ على تجربة الخاصة يحول الآن معاناته إلى عمل ايجابي وطاقة حقوقية مفيدة للعالم. كما انه يحوز على احترام العالم وإهتمامه، وهذه بكل المقاييس نقلى تاريخية يستحق هذا البلد إن ينظر اليه من خلالها نظرة إعجاب وتقدير بحق وحقيقة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق