الثلاثاء، 7 نوفمبر 2017

(كمبالا) وحظر معارضة (الخرطوم).. توسيع شرايين (التطبيع)

تقرير : متوكل أبوسن
رفضت السلطات الاوغندية المصادقة على قيام أنشطة واجتماعات الحركة الشعبية مجموعة عقار في العاصمة اليوغندية كمبالا، ما اضطر المجموعة لإلغاء ورشة مناقشة عمل اللجان التي شكلها مالك عقار والتي كان مقررا عقدها نوفمبر الجاري.
وقال قيادي بالحركة الشعبية مجموعة عبد العزيز الحلو – فضل حجب اسمه- لـ»المركز السوداني للخدمات الصحفية» (السبت)، إن مجموعة عقار رتبت لعقد الورشة توطئة لعقد مؤتمر موسع لقياداتها لمناقشة التوصيات وتحديد الهياكل والمسؤولين عن تنفيذ المخرجات، إلا أن السلطات اليوغندية رفضت ذلك، وأشار إلى أن المجموعة ربما تتجه لنقل أنشطتها إلى منطقة المابان بجنوب السودان.
(كمبالا)..رعاية التمرد
لايبدو مستغربا حظر الحكومة الاوغندية نشاطا سياسيا للقوى المسلحة المتمردة على الخرطوم رغم انها الراعي الرسمي لاتفاقية ما عرف بـ (الفجر الجديد)في كمبالا 5 يناير 2013 الوليد الشرعي للجبهة الثورية، وعاء يجمع القوى المسلحة ضد (الخرطوم) بما فيها الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركتا تحرير السودان بقيادة منى اركو مناوى والعدل والمساواة بزعامة جبريل ابراهيم.
فقد مرت مياه كثيرة تحت جسر العلاقة بين (الخرطوم) و (كمبالا) منذ نهايات العام 2014 ،بدا واضحا انها تتجه لطى صفحة عداء امتد لنحو نصف قرن من الزمان بدايات (خمسينيات) القرن المنصرم ، حيث ظلت أوغندا في مقدمة دول الجوار التي فتحت ذراعيها لدعم التمرد ممثلاً في الحركة الشعبية بقيادة الراحل د. جون قرنق ضد الخرطوم حتى بعد انفصال جنوب السودان فى التاسع من يونيو 2011.
واستمر العداء بعد انقلاب يوري موسيفيني على سلفه نيتو أوكلو في 1987 واستيلائه على الحكم ليبلغ العداء أوجه في عام 1995 حيث تم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
موسفيني يبرر
(موسفيني) فى اكثر من مناسبة لم يخف العداء للسودان ، ولم تفلح كافة الجهود التي كان أبرزها الاتفاقية الأمنية التي وقعت بين البلدين بوساطة أميركية عام 1999، في نزع فتيل التوتر باستثناء وعود وتعهدات كان ألطفها ما أعقب قمة الإيقاد التي عقدت بالخرطوم عام 2001، وتم بعدها تبادل الدبلوماسيين، كما اتفقا في القمة على مزيد من دعم العلاقات الثنائية بينهما.
ولكن هذا الاتفاق لم يصمد كثيراً أمام إصرار كمبالا على السير في طريقها المعادي للخرطوم الموالي للحركة الشعبية، إلى أن تم توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)9 يناير 2005، ما قاد لاحقاً لانفصال جنوب السودان وتكوينه دولة مستقلة في التاسع من يوليو 2011 .
واستمرت بدعم وايواء الحركات المسلحة المتمردة على الخرطوم ورعاية اتفاق الفجر الصادق بين مكوناتها فى العام 2013 .
الانحراف 180 درجة
ولكن بحلول العام 2015 بدأت علاقة (كمبالا)بـ (الخرطوم) وعلى نحو ملحوظ تأخذ شكلا مغايرا ، والرئيس الأوغندي يوري موسفيني، يعلن ، طرد بلاده لقادة بارزين من الحركات المتمردة بالسودان من أراضي أوغندا، وذلك خلال مباحثات أجراها مع وفد سوداني رفيع المستوى يقوده نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن مطلع فبراير من العام 2015 ضم وزير الداخلية ووزير الدولة بالخارجية، ومدير جهاز الأمن والمخابرات، ومدير الاستخبارات العسكرية، وعددا من الخبراء السودانيين.
وبحسب مصادر رسمية تحدثت لـ (الصحافة)فإن زيارة نائب الرئيس لم تكن الاولى للعاصمة كمبالا حيث سبقتها اخرى ضرب عليها سياج من السرية والتكتم بخلاف الزيارات السرية بين اللجان المشتركة .
ولعل ابرز شاهد على التطور الايجابى فى العلاقة بين الدولتين مشاركة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير فى احتفالية تنصيب الرئيس الاوغندى يوري موسفيني، لدورة رئاسية جديدة منتصف مايوم من العام 2016 رغم مساندة (كمبالا)للمحكمة الجنائية الدولية ،كان قد سبقتها زيارة وصفت بالتاريخية للرئيس (موسفينى)منتصف سبتمبر من العام 2015 ليومين ، ثم مشاركته فى ختام الحوار الوطنى بالخرطوم فى العاشر اكتوبر من العام 2016.
ماوراء انفراج العلاقات
مراقبون اشاروا الى حزمة من الاسباب وراء التغير فى العلاقة بين الدولتين فى مقدمتها انفراج علاقة السودان بمحيطه الاقليمي والدولى خاصة الولايات المتحدة الامريكية المساند الرئيس لانفصال جنوب السودان.
تقارير إخبارية كشفت عن اتجاه الإدارة الأمريكية لإعادة ترتيب البيت الأفريقي، على نحو يطلع فيه السودان بدور مائز يساعد في استقرار القارة الأفريقية من جهة ويراعي من جهة أخرى مصالح الولايات المتحدة الأمريكية
وغير بعيد يقبع ملف دولة جنوب السودان الذى تتحمل الادارة الامريكية مسؤولية الحرب الاهلية التى اندلعت فيه 2013 بعيد نحو ثلاثين شهرا من انفصالها يوليو 2011 ،والدور المنتظر ان تلعبه (الخرطوم)فى نزع فتيل الازمة اويقاف نزيف الدم عطفا على سقوط الالاف من الضحايا والجرحي ـ بحسب تقارير الامم المتحدة .
مصدر حكومى رفيع فضل حجب اسمه اكد لـ (الصحافة)ان العلاقة الايجابية مع كمبالا بدأت منذ العام2015 ،واصفا ما تردد عن حظرها النشاط السياسي للحركة الشعبية بالامر الطبيعي وقال : هذا شئ طبيعى بالنظر الى الانفراج الذى حدث فى العلاقة بين الدولتين ،مؤكدا ان الامر ينسحب على كل القوى المعادية للخرطوم وليس محصورا فى الحركة الشعبية مجموعة مالك عقار.
ومضى المصدر الى ان الحوار الوطنى بالطريقة التى ادير بها ومخرجاته شكل احد اسباب انفرج العلاقات الخارجية والمحيط العالمى ، نافيا وجود اى علاقة بين الحكومة وجيش الرب وقال :لا ندعم جيش الرب ولا علاقة لنا به وهو غير موجود بالاراضي السودانية.
حظر الحركات المتمردة
المختص فى شؤون الحركات المسلحة ابرهيم عربي ، قال ان اوغندا الان اعرضت بوجهها عن الحركة الشعبية كما ادارت ظهرها من قبل للحركات المسلحة الدرافورية (مجموعة الجبهة الثورية) والتى كانت تعقد مؤتمراتها ونشاطاتها السيساية فضلا عن اقامة قياداتها هناك تحت سمع وبصر وبإذن من الرئيس موسفيني .
ومضى عربى الى انه ومنذ ان نقلت الحركة الشعبية (قطاع الشمال )مكتبها لادارة شرق افريقيا من نيروبى بكينيا الى جوبا بدولة جنوب السودان فى العام 2011 عقب اندلاع الاوضاع فى ولايتى جنوب كردفان والنيل الأزرق الى كمبالا بأوغندا بحجة تسهيل حركة عناصرها فى المنطقة ، واستطرد: الا ان مجموعة مالك عقار وياسر عرمان تفاجأت الاسبوع الماضى برفض السلطات الاغندية لها بإقامة ندوة مخصصة للتعبئة السياسية وهى اول ندوة لمكتب الحركة الشعبية قطاع الشمال جناح عقار وعرمان منذ تكوينه عقب الانشقاق .
وكشف عربي ان مصادر حكومية اوغندية بررت موقفها بتخوفها من نشوب صراعات بين فصائل الحركة الشعبية المختلفة لاسيما فى ظل مجموعات كبيرة منهم باوغندا،وقال : لايمكن تجاهل ان المبررات غير المعلنة التقارب بين الحكومتين فى (كمبالا)و(الخرطوم)وايضا (جوبا)، مشيرا الى ان تصرف الحكومة الاوغندية يعد سابقة لم تحدث من قبل ، وقال : هى منعت كل الحركات المسلحة من القيام باى نشاط سياسي ، واضاف : فى هذا مؤشر بأن الحكومة الاوغندية التزمت باتفاقياتها مع الحكومة السودانية بطرد الحركات المسلحة والكيانات المعارضة فى كل من الدولتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق