الأربعاء، 9 مارس 2016

المعارضة والمخابرات الأجنبية.. حقائق ووقائع خطيرة للغاية!

إعتراف صريح ومباشر وإذا أردنا الدقة (صادم) وشديد الإيذاء أدلى به السياسي المثير للإرتياب (مبارك الفاضل) في حوار تلفزيوني مطول أجرته معه قناة الشروق السودانية قبل أيام. لا شمس وتراً وطنياً بالغة الخطورة والحساسية.
مبارك الفاضل أقرّ –وعلى رؤوس الأشهاد– بأنهم كمعارضة يجلسون ويجالسون مسئولي المخابرات الأجنبية. وبالطبع لم يفصح الفاضل ولا نعتقد أنه سيفعل لو سئل عن (تفاصيل) ووقائع هذه اللقاءات المريبة، إذ أن مجرد الإقرار بالتعامل -مجرد التعامل- ووفق كل القوانين الوطنية في أي دولة من دول العالم يعتبر جريمة يطلق عليها (جريمة التخابر مع جهة أجنبية)!
مكمن التجريم هنا أن الشخص في هذه الحالة لا يخرج لقاؤه بأجهزة المخابرات الأجنبية عن عدة أمور، واحدة منها أخطر من الأخرى، فهو: إما أنه يمد هذه الأجهزة بمعلومات ضد بلاده ظناً منه أنه بهذه الطريقة يسقط السلطة الحاكمة التى يعارضها ويسعى لإزالتها، أو هو ثانياً، يرتضي أن يعمل -مع تلك الأجهزة- بغض النظر عن نتائج ذلك العمل نظير أجر معين أو إقامة أو أية تسهيلات لإسقاط حكومة بلاده أو هو ثالثاً، يقع ضحية خداع ويتم تجنيده كعميل مخابرات للاستفادة منه (مستقبلاً) إذا ما حملته الأقدار إلى كرسي السلطة والمسئولية. أو رابعاً، تتم محاربة بلاده استخبارياً وتوظفه الدولة المعنية في حربها المخابراتية ضد دولته!
وهكذا ففي كل الأحوال فإن الأمر يشكل جريمة لا تدانيها جريمة . وليس سراً قصة القائد الفرنسي الأشهر في التاريخ (نابليون بونابرت) الذي استطاع توظيف شخص ليقوم بمعاونته على إجتياح بلاده، وحين تم له ما أراد فإنه من على ظهر حصانه ألقى بحفنة المال إلى الشخص رافضاً مصافحته بيده لأنه (في نظر نابليون) خائن لوطنه! القصة قديمة ومعروفة ومتجددة ومن الصعب نسيانها ولهذا فإن فتح ملف تعاون القوى المعارضة السودانية مع القوى الاستخبارية الأجنبية هو في واقع الأمر قضية حيوية وإستراتيجية، فالعمل المعارض شيء، والتعاون مع القوى الاستخبارية الأجنبية شيء آخر مختلف تماماً.
لقد رأينا الكثيرين ممن وقعوا في هذه الحبائل الاستخبارية من قادة الحركات المسلحة والساسة بالخارج وكانوا خائنين لبلادهم وانتهوا في خاتمة المطاف نهاية مأساوية، فالدكتور خليل إبراهيم زعيم حركة العدل والمساواة فعل ذلك كثيراً جداً مع مخابرات دول مجاورة في ليبيا وتشاد ومضى به الأمر حتى (الموساد) وانتهى به الأمر (قتيلاً).
المتمرد عبد الواحد محمد نور وقع في شباك المخابرات الفرنسية في عهد ساركوزي ووزير خارجيته الصهيوني كوشنير والموساد وانتهى به الأمر إلى الطرد من باريس، حتى أن المبعوث الأمريكي الشهير (سكوت غرايشون) وحين زار النازحين في مرة من المرات أطلق تحذيراً صريحاً لساكني المعسكرات يحذرهم فيه من مغبة ارتضاء قيادة عبد الواحد لهم!
غرايشون كانت لديه (معلومات موثقة) وكافية تدفعه لتقديم تلك النصيحة الصريحة المباشرة. ياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومالك عقار ظلوا وما يزالون يجلسون من حين لآخر مع مسئولي مخابرات دول مجاورة، دول غربية لا يجدون حرجاً في ذلك، كما لا يجدون حرجاً في فتح حسابات مصرفية (سرية) يضعون فيها أموالهم الخاصة والتى من المؤكد أنها ليست أمول محصول عليها من عمل شريف!
إن اختلاط  مياه العمل المعارض بمياه الصرف الاستخباري أمر خطير للغاية وهو الأمر الذي ظل يزيد من تأزيم الأوضاع في السودان، لأن من الطبيعي ألا يهتم الآخرون بأمن واستقرار السودان! إذ كيف يمكن أن تكون كمبالا حريصة على أمن واستقرار السودان؟ وكيف يكون جوبا قلبها مع السودان وتريد استقراره؟.
لقد جاء إقرار مبارك الفاضل بتعاونهم كمعارضة مع أجهزة مخابرات أجنبية بمثابة نقطة بداية لكي يكون هذا الملف موضع اهتمام عام من كل المواطنين السودانيين، الشرفاء، كما أنه طلق شكوكاً مريبة ومؤلمة بشأن الذين يقيمون الآن بالخارج أمثال الصادق المهدي وعلى محمود ونصر الدين الهادي وغيرهم من الساسة الذين لا أحد يعرف (من يصرف عليهم) لكل هذه السنوات ومع من (يسهرون) لياليهم؟ وإلى أي مدى أعطوا ما يعرفونه من أسرار بلادهم لمن يتوقون لمعرفتها، خاصة وأن بعضهم -إن لم يكن غالبهم- كانوا في يوم ما في مواقع المسئولية؟
هو إذن ملف استراتيجي عالي الأهمية والخطورة وظلت المصائب والكوارث تقع على السودان من فعل هؤلاء غير المحصنين وطنياً وأخلاقياً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق