الأربعاء، 30 مارس 2016

هل تعي جوبا الدرس؟

في لقاء سريع وعابر استفسرت (سودان سفاري) مسئولاً سودانياً رفيعاً، عضو فى اللجنة السياسية الأمنية السودانية الجنوبية والمعنية بمعالجة التعقيدات الحدودية وقضايا انتشار القوات و بنود اتفاقية التعاون المشترك الموقعة في 27 سبتمبر 2013، عن عدد من الخروقات التي وقعت من الجانب الجنوبي طوال السنوات الثلاثة الماضية فقط ؛ قال المسئول إنها لا تحصى! و أضاف ان الإجابة ليست صيغة مبالغة ولكن الأكثر سوءاً كما قال المسئول، إن مسئولاً دولياً مرموقاً قال له إن ما احتمله السودان من الحكومة الجنوبية -بنص تعبيره- يصعب احتماله!
ربما كانت هذه الخلفية الموجزة كافية للإحاطة بطبيعة التعقيدات التى أوجدتها الحكومة الجنوبية -بلا أدنى داع- على صفحات علاقاتها المتأرجحة مع السودان. فهناك الآن ما يربوا على الـ2000 مسلح سوداني يتلقون تدريبات في معسكرات على أراضي جنوبية تصرف عليهم الحكومة الجنوبية بسخاء.هنالك المئات من عناصر وقادة الحركات السودانية المسلحة يقيمون في جوبا ويعقدون اجتماعات راتبة وطارئة فيها تحت حماية وتأمين الاستخبارات الجنوبية .
عدد من الكتائب متنوع التسليح دفعت بها الحكومة الجنوبية باتجاه الحدود حتى لم تدع مسافة لسنتمتر واحد بينها وبين الحدود المفترضة. ثم لما أحسّت جوبا بأن الخرطوم تتجه لاتخاذ مواقف حازمة ادعت أنها سحبت قواتها لمسافة 1 كلم إلى الجنوب!
وزير الخارجية الجنوبي برنابا مريال سارع للتصريح لوسائل الاعلام غداة تحرك الخرطوم وبعد اتخاذ مجلس الوزراء السوداني قراراً باعتبار اللاجئين الجنوبيين في السودان لاجئين اجانب واتخاذ الاجراءات القانونية في مواجهة المخالفين بأن جوبا لن تعامل المواطنين السودانيين بذات الطريقة!
المضحك و المبكي في آن واحد في تصريحات (برنابا) ان جوبا -من الاساس- لم تكن تعامل المواطنين السودانيين بأدنى معاملة كريمة حتى بوصفهم اجانب دعك من ان تعتبرهم مواطنين جنوبيين! جوبا فقط تجزل العطاء لحملة السلاح السودانيين ولكنها لا تطيق مطلقاً وجود مواطن سودني على أراضيها –ولا حاجة لنا لتقليب مواجع اسر التجار السودانيين الذين تعرضوا لاعمال عدوانية ووحشية ممنهجة على يد الجيش الشعبي الجنوب طوال السنوات السبع الماضية لا لشيء سوى لأنهم سودانيين (جلابة)!
اتفاقية التعاون المشترك التي كان من المؤمل ان تستفيد منها جوبا في تنمية وتطوير الدولة الوليدة و تتيح الحركة على الحدود و التجارة البينية وتبادل الخبرات و التعليم العالي، وضعتها جوبا منذ يوم توقيعها في درج جانبي منسيّ في خارجيتها! إذن ماذا بوسع السودان ان يفعل وجارته الوليدة لا تعرف كيف تدير مصالحها مع الدولة الأم ولا تكف عن إيذائها وإيذاء نفسها؟  كما أن المجتمع الدولي بلا شك على علم تام بما تفعله جوبا ويعلم أيضاً ما تفعله جوبا ما من جدوى سياسية أو استراتيجية له.
النظام القائم في جوبا بدلا من ان يرسخ لبناء الدولة ونهضتها و تنميتها، جعل يثير المشاكل مع جيرانه و يشعل الصراعات الداخلية. نظام بهذه المواصفات غير المسبوقة دولياً ما من سبيل للتعاطي معه إلا بأسلوب (قرصة الاذن) من حين لآخر، والغريب انه وكلما امسك السودان بالأذن الجنوبية قارصاً لها، صرخت جوبا صرخة مدوية ثم سارعت بمحاولة حل المشكلة، ثم ما تلبث حين يهدأ الألم لمعاودة ذات ما فعلته وكأن شيئاً لم يكن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق