الخميس، 3 مارس 2016

مخرجات الحوار الوطني، مسئولية من؟

أياً كانت طبيعة مخرجات الحوار الوطني وأياً كان العدد الذي أسهم في انجازها من القوى السياسية والمنظمات المجتمعية المختلفة والذين لم يسهموا في إنجازها فهي على أية حال واقعاً ملزماً للجميع، ولهذا فإن مسئولية تنفيذ ووضع هذه المخرجات على محك التطبيق ليس معنيّ بها -فقط- الطرف الحاكم الممسك بالسلطة ؛ المسئولية هنا مشتركة بين الجميع.
صحيح إن هناك أمور لن يتسنى تنفيذها إلا عبر الحكومة، ولكن مجمل هذه المخرجات يقتضي مسئولية تضامنية مشتركة بين كافة القوى السياسية والمجتمعية حفاظاً على هذه المخرجات والجهد المضني الذي بذل فيها ولمصلحة المستقبل المأمول للبناء الديمقراطي. ربما يعترض البعض على زعمنا هذا بالقول إن على الحكومة وحدها القيام بتنفيذ هذه المخرجات ولكن لن يكون هذا الأمر من الناحية القانونية والسياسية سليماً.
أولاً، إذا جلس الكل في انتظار أن تقوم الحكومة بتنفيذ هذه المخرجات بكاملها لوحدها فإن هنالك متعجلون، وهناك مبالغون لا تروق لهم الأمور قط، وهناك أصحاب خصومة مستحكمة مع الحكومة. كل هؤلاء سرعان ما يهاجمون المخرجات والحكومة ويبددوا آمال الآخرين فيها! هذه النقطة مهمة للغاية إذ من مصلحة بعض هؤلاء انهيار الأمر وفشل العملية ليعودوا ويقولوا ألم نقل لكم؟
ثانياً، الوثائق الوطنية في العادة شيء شبيه بالاتفاقيات الداخلية تستلزم توزيع الحقوق والواجبات بقدر متساو، أو بنسب متفاوتة حسب موقف كل طرف، فكما يحرص كل طرف على حقوقه فإن عليه أيضاً أن يحرص على أداء واجباته واحترام حقوق وواجبات الآخرين.
ثالثاً، ليست هناك وثيقة وطنية قابلة للتنفيذ بإرادة طرف واحد، هذه حقيقة واضحة ولكن العديد من القوى السياسية السودانية ظلت وباستمرار وفي أي اتفاقية أو وثيقة وطنية تطالب فقط من الجانب الحكومي أن يوفي بإلتزاماته. هذه النظرة ليست موضوعية، كما أن التدرج في إنفاذ المخرجات ضروري لمصلحة قضية البناء الوطني.
من جانب آخر، فإن الحكومة القائمة -وحتى لا ينسى البعض- هي من الناحية القانونية حكومة منتخبة، وبطبيعة الحال فإن شرعية هذه الحكومة من عدمها لم تكن ولا كان من الممكن أو المستحسن أن تكون ضمن أوراق الحوار الوطني ومن ثم فإن محاولة دفعها لتفكيك نفسها أو التقليل من سلطاتها، أو اختصار الوقت المقرر لها- كل هذه أمور تأتي في سياق من التراضي والأخذ والرد، وليس على سبيل الإلزام. ولسنا نقول ذلك دفاعاً عن الحكومة، ولكن دفاعاً عن أي قدر من الاستقرار، نحن في أمس الحاجة للتأسيسي عليه.
دائماً البداية من الصفر تقود إلى تعقيدات ورجوع إلى الوراء. البناء السياسي الموجود حالياً فيه قدر مناسب من الاستقرار ويحتاج لبعض الإصلاح والتعديل التدرجي ليتأسس بمقتضاه بناء سياسي أقوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق