الاثنين، 2 مايو 2016

أخطر وثيقة رسمية جنوبية باهظة الثمن!

أصبح الخطاب (التاريخي) الذي بعثت به وزارة الخارجية الجنوبية إلى المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة والذي يحمل التاريخ 9/3/2016م ترد فيه الوزارة الجنوبية على تقارير حقوقية تتهم جوبا بإنتهاك حقوق الانسان؛ أصبح هذا الخطاب الذي تسنى لـ(سودان سفاري) الاطلاع عليه في نسخته الانجليزية بمثابة وثيقة تاريخية ودليل مادي بالغ الأثر حول تبعية منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتيّ السودان وجنوب السودان.
الخطاب (الوثيقة) تصدرته ديباجة بخط مميز أعلي الورقة وتم تذييله بتوقيع وزير الخارجية الجنوبي السابق (برنابا مريال بناجمين) بصورة للرئيس كير وصورة أخرى لوزير العدل وتضمن الخطاب 6 نقاط شكلت رد الحكومة الجنوبية رسمياً على إتهامات مفوضية حقوق الانسان.
السمة الغالبة لردود الوزارة في الخطاب هي النفي فقط! حتى حقيقة وجود مجاعة في أرجاء واسعة من دولة الجنوب نفاه الرد، والمدهش في هذه النقطة تحديداً، ان الخطاب وبعد ان نفى وجود مجاعة في دولة الجنوب تحدث عن (نقص في الغذاء) فقط بسبب الجفاف!
ما يهمنا من بين كل فقرات الخطاب الذي استحال على الحكومة الجنوبية نفيه أو حتى لم تجد الخارجية الجنوبية مخرجاً منه أو تعديله هي الفقرة الخامسة، ففي هذه الفقرة كما ذاع و شاع لم تجد الخارجية الجنوبية مخرجاً من التنصل من الانتهاكات التى أتهم بها الدكتور لوكا بيونق القيادي المعروف بالحركة الشعبية، سوى نفيّ جنسيته الجنوبية، أما كيف جرى ذلك فقد قال الخطاب إنّ الذي قام بفصل د. لوكا بيونق من عمله في أحد المعاهد في جوبا ليس الرئيس كير وإنما المعهد الذي يقوم بتوظيف (الجنوبيين والأجانب)! وان المعهد وجد أن د. لوكا أجنبي من دولة السودان ويعمل في المعهد بموجب عقد وان المعهد بناء على ذلك قام بفصله!
بمعنى أوضح فإن ردود خطاب الخارجية الجنوبية التي استندت كلها على نفي وقوع الانتهاكات -أقرت ضمناً- وقوع انتهاكات من قبل الدكتور لوكا من جهة، ثم أقرت علناً ومباشرة ان المعهد الجنوبي قام بفصل الدكتور لوكا لارتكابه تلك الانتهاكات من جهة أخرى، وفي الحالتين فإن الرد الجنوبي اثبت -من حيث لا يدري- صحة إتهامات مفوضية حقوق الانسان.
غير ان الخطاب -كما قلنا سلفاً- تحول إلى وثيقة قانونية قوية لصالح السودان من زاوية ان جوبا اعتبرت بيونق اجنبي لأنه ينحدر من منطقة ابيي! و هذا يعني بالضرورة ان منطقة ابيي -على الاقل بمقتضى هذا الخطاب- منطقة لا تتبع لدولة جنوب السودان، بدليل إنها في خطاب رسمي أقرت بأنه أجنبي!
صحيح ان منطقة أبيي متنازع عليها بين الدولتين لم يحسم النزاع حولها، ولكن من المعروف وفقا للبرتوكول الخاص بالمنطقة والموقع في 2004 فإن المنطقة تتبع للرئاسة في الدولتين إلى حين حسم النزاع، وكان بإمكان جوبا لو لم يطمس عنصر الحق وقوة الحجة السودان بصيرتها، ان تقر بما إرتكبه أحد قيادييها بدلاً من النفي الأعمى الذي أوردها هذا المورد.
ولا شك ان إقرار وزارة خارجية دولة وعبر خطاب رسمي بحقيقة جوهرية كهذه أمر لا يمكن قبول أي تبرير له سوى أنه إقرار بالحق ولن يغير من هذه الحقيقة الساطعة، إقالة الوزير برنابا أو معاقبته على ما فعل فالرجل لم يخطئ، بقدر ما كان يمارس المغالطة التى اعتادت عليها دولة جنوب السودان في كل شأن، غير أن المغالطة هذه المرة كلفت جوبا ثمناً باهظاً للغاية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق