الاثنين، 16 مايو 2016

حلايب.. ملف على طاولة التصعيد!

الخرطوم: انعام عامر 
موافقة في تطورات جديدة للملف، رمت حادثة مقتل سوداني بحلايب على يد عناصر مصرية بظلال سالبة على الملف الملتهب أصلاً .ارتفعت هذه المرة أصوات شعبية تنادي بتحرك حاسم من قبل الخرطوم تجاه تحركات مصرية غير مسؤولة، ليس أولها قرار ضم المثلث الى محافظة أسوان بعد الشروع في (مصرنته)، ولن يكون آخرها مقتل المواطن السوداني. وبدت هنا لهجة البرلمان في الخرطوم هذه المرة أكثر حدة عقب حادثة (الردمية) بعدما اعتبر تصاعد الأحداث هنالك بالاحتلال السافر للمثلث من قبل السلطات المصرية، وترك الباب مشرعاً أمام تصعيد لم يحدد إطاره ولا زمانه، لكنه توعد ألا يفوِّت الأمر. مقتل السوداني بدت حادثة مقتل المواطن السوداني ضبابية في رواياتها ومضللة أيضاً، السلطات المصرية تنصلت عن مسؤوليتها تجاه الحادثة، بينما تفاصيل رواها شهود عيان تؤكد تورط عناصر عسكرية مصرية في القضية، ما يؤكد وجود شبهة جنائية، بينما تصر القاهرة أن جثة المواطن تم العثور عليها قرب مرسى علم وألا مكان لوجود شبه جنائية في الملف. إلا أن تفاصيل دفع بها نائب سابق بحلايب أكدت تورط ضابط مصري في عملية مطاردة المواطن، مؤكداً أنه عُرف بعدائه الشديد للسودانيين بالمنطقة. وقال: «هذا الضابط تسبب في مقتل سوداني سابقاً وتم نقله عقب الدفع بعدة شكاوى لكن الآن عاد مرة أخرى الى المنطقة». ونبه إلى أن السلطات المصرية تستهدف السودانيين سواء العابرين بالبوابة أو المعدنين التقليديين، وتقوم بنهب ممتلكاتهم وترويعهم. شكاوى عديدة يدفع بها أهالي المنطقة دون أن تجد آذاناً صاغية من السلطات في الخرطوم، ما يجعل الملف مفتوحاً أمام تحرك شعبي يقوده أهالي المنطقة، الأمر الذي ربما يدفع الى الدخول في صدام ومواجهات مباشرة مع القوة المصرية المتواجدة هنالك. سفير السودان بالقاهرة سفير السودان في القاهرة لم يبعد حديثه عن لغة الدبلوماسية التي تمارسها وزارته بذات سياسية ضبط النفس، فقد اكتفى في حديثة لـ«الإنتباهة» أمس الأول بقوله، «نحن الآن نتحقق من الأمر». وفي الخرطوم ظلت الأجواء السياسية باردة تتحكم فيها أيضاً سياسية ضبط النفس العالية، رغم فشل الدبلوماسية الناعمة في احتواء تصعيدات الملف في الوقت الذي أبقت فيه الخارجية السودانية على سياسية النفس الطويل التي ظلت تمارسها طيلة السنين المنصرمة وخلال الأسابيع الماضية، دون إحداث أي اختراق في الملف على أرض الواقع، مبدية مواصلتها المطالبة بسيادتها على أرض حلايب وشلاتين، الأمرالذي وصفه وكيل لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب المصري الأسبوع الماضي -حسب صحيفة «اليوم السابع» المصرية- بالتصريحات (العنترية). محددات الملف وفق سياسة الوزارة في الخرطوم تحكمها ما أسمته الوزارة بـ(الخطوط الحمراء)، بيد أن الرأي العام في الخرطوم تسنده أصوات شعبية بدأت ترتفع ولن تتوقف أمام تلك المحددات بعدما انتابته حالة تململ واضحة جراء سياسة النفس الطويل التي تمارسها أجهزة صناعة القرار دون إحراز أي تقدم يذكر. حملة مناهضة من جهته، ربما يتبنى البرلمان في الخرطوم حملة مناهضة للتصعيد المصري بعدما أبدى عدم رضاه من إجراءات الحكومة المصرية المستمرة في حلايب واعتبرها احتلالاً سافراً لأرض سودانية. وأعلن على لسان نائب رئيسه في تصريخ خص به «الإنتباهة» اتجاهه الى التحقيق في الحادث بعدما توعد بعدم التهاون في الأمر، إلا أن قرائن الواقع تشير الى أنها لن تخرج عن سياق سياسة الدولة تجاه الملف، بمعنى أنها لن تصل الى حد المواجهة او استخدام القوة، الأمر الذي ربما يجعل الباب مشرعاً أمام القاهرة لممارسة تصعيدات أخرى في المنطقة حال فوتت الخرطوم حادثة (الردمية) دون اتخاذ إجراءات مناسبة، وتستغل القاهرة السند الإقليمي والدعم العربي اللامحدود الذي وجدته خلال الفترة الماضية، ما شجعها على التقاط القفاز والتحرك بسرعة لإحداث مكاسب باغتت بها الخرطوم بخصوص الملف. وبالمقابل يبدو تحرك دائرة صنع القرار في الخرطوم في إطار ربما أفرغ من محتوى المخطط الإستراتيجي تجاه الملف وكيفية حسمه. واستناداً الى رؤية بروفيسور صلاح الدومة المحلل السياسي المعروف، فإن القراءة تشير الى توقع حدوث تصعيد على الجانبين السوداني والمصري خلال الفترة القادمة وتوقع في حديثه لـ«الإنتباهة» مزيداً من التصعيد من الجانب المصري الذي أبدى ميلاً واضحاً للسير في هذا الاتجاه، مستنداً الى كروت في يده حالياً من بينها القوة العسكرية والمساندة الدبلوماسية الكبيرة من القوى العربية والدولية. وحسب الدومة فإن الجانب السوداني سوف يميل الى تفسيرات كسولة للحالة في حلايب واستناداً الى ذلك سوف يمارس دبلوماسية خاملة تستمر هكذا وسط حالة إحباط عام على المستوى الشعبي، مشيراً الى أن في يد الجانب المصري عدة كروت لن يضيع فرص استثمارها، واصفاً كروت الضعف لدى الطرف الآخر بكروت قوة لدى الجانب المصري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق