الأربعاء، 3 فبراير 2016

النزاعات المتوقعة عقب ظهور مخرجات الحوار الوطني!

في واقع الامر لن تثور أية مشكلة بشأن التزام الحكومة السودانية بتنفيذ ما تخرج به مناقشات الحوار الوطني. الامر هنا لا يتعلق بالتزام الرئيس البشير -كرئيس لكل السودانيين- فحسب، كما لا يتعلق فقط بالالتزام الاخلاقي الشخصي للرئيس ومصداقية حكومته أمام القوى السياسية السودانية والمحيط الدولي، هذه أمور مفروغ منها لأن التزامات الحكومة المتعلقة بتوفير ضمانات كافية للمشاركين فى الحوار من الخارج -وهم كثر- رآها الجميع رأي العين، فقد جاء أرتال من قادة الحركات المسجلة شاركوا ثم عادوا كما جاءت الناشطة المعروفة -اتفقنا أو اختلفنا معها- (تراجي مصطفى) وشاركت في الحوار وقامت بجولة واسعة النطاق داخل البلاد ووصل بها الامر للجلوس مع الرئيس البشير نفسه ومحاورته!
إذن وكما يقول علماء المنطق فإن المقدمات تؤدي الى النتائج ولكن أين ستثور المشكلة بشأن نتائج الحوار الوطني -إن كانت ثمة مشكلة؟- في الغالب ستكون المشكلة اذا ما اعتقد بعض الذين جاءوا وشاركوا في الحوار ان ما طرحوه لم يظهر فى النتائج والمخرجات النهائية، وهو أمر في الممارسة السياسية الديمقراطية متوقع وطبيعي لأن العبرة فى مثل هذه الحالات بما تتوصل اليه اللجان والتي قد تلجأ في بعض الاحيان الى التصويت اذا تعذر التوافق.
الراجح في مثل هذه الحالة ان البعض قد يحاول إطلاق التهم والتشكيك في العملية برمتها وهو أمر شبيه بموقف الخاسر الذي يخسر المنافسة الانتخابية حيث لا يجد مناصاً من التشكيك في نزاهة العملية او إتهام طرف بالتزوير او الادعاء بأي ادعاء.
هذه الحالة متوقعة ولكن المرجع الذي من الممكن ان يقدم حلاً ناجعاً لها هو الوثائق الخاصة بالحوار والتي هي بطرف اللجان، حيث ان الآراء محفوظة وموثقة -صوت وصورة- كما أن الاجراءات بشأن تجميع هذه الآراء وصياغتها محفوظة وموثقة هي الاخرى صوتاً وصورة وورقاً. على
الجانب الآخر ستكون هناك مشكلة الذين قاطعوا عملية الحوار، وهي تتكون من شقين: الشق الاول حالة ما إذا جاءت نتائج الحوار ومخرجاته موافقة لرؤاهم التى لم يطرحوها ولكنهم كانوا يودون طرحها. الشق الثاني، حالة ما إذا جاءت المخرجات وهي اقل -بدرجة من الدرجات- من طموحاتهم وأطروحاتهم.
المفارقة هنا أنه وفي الحالتين (الشق الاول والثاني) فإن بإمكانهم رغم عدم مشاركتهم في الحوار الاستفادة من مخرجاته والتمتع بمزاياه الايجابية التي تحققت. ولكن بالمقابل فإن من المستحيل عليهم إبداء رأي ملزم للمشاركين بتعديل هذه المخرجات!
صحيح هنا أن النزاع ربما يثور مجدداً ولكن من الهم في الامر ان هؤلاء الذين لم يشاركوا -بغض النظر عن أسبابهم- فقدوا مسبقاً حقهم الطبيعي في حمل الآخرين على تبني وجهة نظرهم طالما أنهم لم يشاركوا الآخرين عملية الحوار. ولهذا فإنه وفي كل يوم يزداد خطل الامتناع عن المشاركة فى الحوار لأن الذين تغيبوا ورفضوا، لم يجبرهم أحد على اتخاذ هذا الموقف، كما لم تكن لهم رؤية سديدة بأهمية المشاركة وان عملية الحوار هي اللبنة الأولى في البناء الديمقراطي الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق