الثلاثاء، 2 فبراير 2016

قمة البشير والسيسي بأديس..تأكيد البعد الإفريقي لوادي النيل

فتحية موسى السيد-
التقى رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش أعمال قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا الجمعة الماضية، حيث أفادت التصريحات الصحفية عقب اللقاء الأول أن الرئيس عمر البشير أكد من جانبه على عمق علاقات الإخوة والمودة التي تجمع بين شعبي وادي النيل، مشيراً إلى حرص السودان على تعزيز التعاون بين البلدين في كافة المجالات، فضلاً عن دعم التنسيق المشترك بينهما على مختلف الأصعدة العربية والإفريقية. من الجانب المصري تم التأكيد خلال اللقاء على اعتزاز مصر بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمعها بالسودان الشقيق، وأهمية الارتقاء بمختلف مجالات التعاون بما يعود بالنفع على شعبي البلدين، مشيراً لأهمية الإعداد الجيد لعقد اللجنة العليا المشتركة على مستوى القمة من أجل ضمان تحقيق النتائج المرجوة التي يتطلع إليها الشعبان، فضلاً عن استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين على كل المستويات في مواجهة التحديات المشتركة المتزايدة والعمل سوياً من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والقارة الإفريقية والعمل على دفع وتطوير العلاقات التجارية بين مصر والسودان لتحقيق نقلة نوعية في التعاون الاقتصادي بما يتناسب مع الإمكانات الضخمة التي يتمتع بها البلدان، وما يجمعهما من تقارب ثقافي وحضاري.
مشاورات مغلقة
اجتماعات مجلس السلم والأمن الإفريقي لبحث عدد من القضايا المطروحة على الساحة الإفريقية قبيل انطلاق أعمال القمة الأفريقية رسمياً صباح الأحد بعد انخراط الزعماء في مشاورات مغلقة، وانتقلت رئاسة الاتحاد فعلياً الى رئيس تشاد إدريس ديبي وتسلمها من سلفه رئيس زيمبابوي روبرت موقابي، تناقش القمة التي تُعقد تحت شعار «2016 السنة الأفريقية لحقوق الإنسان مع التركيز بشكل خاص على حقوق المرأة» قضايا أبرزها مكافحة «الإرهاب» وحقوق الإنسان وإحلال الأمن والسلام بالقارة ويشارك السودان بوفد يقوده الرئيس عمر البشير ويشارك في أعمال القمة عدد من الرؤساء والشخصيات من خارج القارة، أبرزهم الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا، والصربي توميسلاف نيكوليتش، والفلسطيني محمود عباس، فضلاً على نحو 40 شخصية دولية وإقليمية. وأشاد الرئيس إدريس ديبي بجهود سلفه روبرت موقابي أثناء فترة رئاسته للاتحاد في العام 2015، وقال: عمل خلال فترة ولايته بجدية وتصميم وحقق الأهداف الموضوعة. وأضاف سأخلف الرئيس روبرت موقابي ولن تكون مهمة سهلة وسأحاول بذل قصارى جهدي. وتابع انكم تمنحون تشاد وشعبها سعادة غامرة باختياري رئيسا للاتحاد الأفريقي في 2016م. وقال غندور في تصريح صحفي لوكالة السودان للأنباء، ان الجلسات المنعقدة السبت، كانت حافلة بالموضوعات المختلفة، وأفاد ان الرئيس عمر البشير خاطب الجلسة المغلقة متطرقاً لحزمة من القضايا الحيوية ذات الصلة بالأوضاع في أفريقيا.
علاقات ثنائية
مباحثات مشتركة بين النظيرين السوداني والمصري أكدا فيها الحرص على استدامة العلاقات الجيدة والتعاون المستمر بين البلدين، فضلاً عن العمل المشترك من اجل تنمية و تطوير ورفاهية شعبي البلدين. وقال إبراهيم غندور ان اللقاء تطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها بما يعود بالنفع على الطرفين. مشيراً الى توجيه الرئيسين خلال اللقاء لوزيري الخارجية بالبلدين للعمل على التحضير لاجتماع اللجنة الوزارية السودانية المصرية المقرر له مارس المقبل، وأضاف غندور ان العلاقات بين السودان ومصر عميقة ومتجذرة تتكئ على ثوابت متينة. وأفاد ان رئيسي الدولتين حريصان على الوصول بالعلاقات الثنائية والتعاون الى درجات عليا من التنسيق وتبادل المنافع، مبيناً ان اللقاء تطرق الى القضايا والموضوعات التي تهم البلدين على الصعيد الإقليمي والدولي، مشيراً الى وجود تنسيق وتفاهم بين البلدين في هذه المجالات.
مكافحة الإرهاب
في السياق نفسه، أجرى السيسي عدداً من المقابلات برؤساء وقادة الدول الإفريقية على هامش أعمال القمة الأفريقية الـ26 وقد جمع لقاء مع رئيس جنوب أفريقيا كان أول لقاء أجراه السيسي بعد وصوله لأديس أبابا بساعات، كان من نصيب رئيس جنوب إفريقيا بجيكوب زوما بمقر إقامة زوما. واستعرض خلاله الرئيسان الملفات الإفريقية المختلفة والموضوعات التي سيتم مناقشتها خلال القمة الأفريقية، إضافة إلى سُبل تعزيز الجهود المبذولة لتسوية النزاعات القائمة في القارة الإفريقية، وكذلك ناقش الجانبان سبل تعبئة الجهود الإقليمية والدولية الرامية لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فضلًا عن تدعيم التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدين.
لقاءات متتالية
لقاء مع رئيس تشاد: وبعد لقائه بزوما التقى السيسي برئيس تشاد إدريس ديبي واستعرضا سُبل تعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات، بالإضافة لعدد من القضايا الإفريقية ذات الاهتمام المشترك. لقاء مع رئيسة موريشيوس: التقى السيسي برئيسة موريشيوس أمبينة غريب في أديس أبابا، واستعرضا سُبل تعزيز العلاقات الثنائية في كل المجالات بالإضافة لعدد من القضايا الإفريقية ذات الاهتمام المشترك، كما التقى السيسي في نفس يوم بمقر إقامته في أديس أبابا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقد شهد اللقاء تباحثًا بشأن الأوضاع الإنسانية والأمنية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية والاحتقان المتولد لدى الشعب الفلسطيني نتيجة انتهاك حُرمة المقدسات الدينية واستمرار الاستيطان.
مساعٍ إقليمية
كما بحث الجانبان الجهود العربية المبذولة لتدعيم السلطة الفلسطينية، إضافة إلى القضايا ذات الاهتمام المشترك والمساعي الإقليمية والدولية الرامية إلى استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. والتقى السيسي أيضاً بعض زعماء وقادة أفارقة وتناولوا خلال اللقاء بحث تعزيز سُبل التعاون المشترك مع تلك الدول، بالإضافة إلى الموضوعات المطروحة على جدول أعمال القمة الإفريقية وعدد من القضايا الإفريقية ذات الاهتمام المشترك والأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية وكيفية مكافحة الإرهاب. كذلك تم عقد عدة لقاءات مع كل من رئيس كينيا ورئيس الصومال ونائب رئيس بوروندي، وذلك قبل بدء الجلسة المغلقة للقمة الإفريقية، ففي لقائه مع الرئيس الصومالي تناول الرئيس السيسي آخر مستجدات الأوضاع في الصومال حيث أكد الرئيس التزام مصر بدعم استقرار ووحدة الصومال، فضلًا عن مساندة الحكومة الصومالية في تنفيذ رؤية الصومال 2016م التي تهدف إلى استكمال الإطار المؤسسي والدستوري للبلاد من خلال عقد انتخابات خلال العام الحالي تمهيدًا لتشكيل حكومة انتقالية.
قمة ثلاثية
وبعد افتتاح القمة مباشرة التقى الرئيسان البشير والسيسي برئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين. وقد تناول اللقاء كذلك سُبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدان الثلاثة حيث اتفقوا على عقد اللجنة المشتركة للارتقاء بأطر التعاون الثلاثي في مختلف القطاعات إلى المستويات التي تتطلع إليها الشعوب، كما تناول أهمية تعزيز التنسيق والتشاور بين السودان ومصر وإثيوبيا حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. المحلل السياسي دكتور فتحي الرحمن السيد في حديثه لـ«الإنتباهة» مشيراً الى اللقاءات التي تمت بين الرؤساء الثلاثة البشير والسيسي وهيلي ماريام، ومن خلاله تم التباحث حول آخر التطورات في المنطقتين العربية والأفريقية ولا سيما الوضع في ليبيا. حيث رحب الرؤساء بالتوقيع على اتفاق الصخيرات باعتباره خطوة مهمة على طريق استعادة الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، كما أكدوا على مساندتهم لحكومة الوفاق الوطني والمجلس الرئاسي المنبثقين عن الاتفاق، وكذا للجهود الرامية إلى تلبية تطلعات الشعب الليبي في تحقيق المصالحة الوطنية والحفاظ على وحدة أراضي ليبيا وسيادتها وسلامتها الإقليمية. مشيراً السيد الى تأكيد الرئيس البشير على قوة ومتانة العلاقات بين البلدين وجذورها التاريخية التي لا يمكن زعزعتها، يأتي من منطلق تقوية الروابط بين شعبي مصر والسودان. سيما دور مصر الفاعل في القضايا العربية والافريقية التي تمثل حجر الزاوية في المنطقة العربية. وفي ذات السياق تطرقت المباحثات الى عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومنها الأوضاع في ليبيا وسوريا والشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب بالمنطقة، وأخيراً تطورات ملف مياه النيل، بالرغم من إشارة السيسي إلى ان مناقشة ملف سد النهضة ليست على أجندة الحوارات أو اللقاءات خاصة مع ضيق الوقت وأن القمة ليست ثنائية.
آخر المستجدات
إشارة الى ما سبق من خلال المباحثات التي تمت بين الرؤساء سيما بمجرد ما يتواتر من أنباء بصدد قمة قادمة، سرعان ما يتبادر الى الأذهان أن اية قمة ستكون بصدد الجدل الدائر حول ملف سد النهضة والتوجس الذي ما زال قائماً في مصر بسبب قيامه، بيد أن التوقعات هذه المرة غير صحيحة، حيث قطع الرئيسان ان هناك قمة مباحثات ثنائية سيعقدها الرئيس المصري مع رئيس الوزراء الإثيوبي في شهر مارس المقبل، وستكون خصيصاً لمناقشة آخر مستجدات ملف سد النهضة وتأثيره على مصر سيما بأن ثمة ضغوطاً غربية تمت ممارستها على مصر، وعلى الدول الإفريقية لعدم حصولها على عضوية كممثل لدول الشمال الإفريقي، ولكن المحاولات باءت بالفشل. معلقاً الحديث حول ملف سد النهضة وتأثيره على مصر لا تكفيه جلسة مباحثات واحدة أو زيارة واحدة لأن الملف يحتاج إلى جهد كبير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق