الأحد، 31 ديسمبر 2017

التعايش الديني في السودان حقائق وأرقام غير قابلة للنفي!!

لا يستطيع أي مراقب موضوعي ومنصف للشأن العام في السودان أن يتجاهل عمق التعايش الديني والتسامح الذي يتجلي بوضوح في هذا البلد سواء علي النطاق الرسمي متمثلاً في القواعد والقوانين الداعمة لهذا التوجه الاستراتيجي

أو علي النطاق الشعبي الجماهيري الملاحظ في الممارسة اليومية المعتادة.
الحكومة السودانية وحرصاً منها علي تعميق هذه الروح وهذه الإستراتيجية أقامت في 18 ديسمبر 2017 ورشة التعايش الديني في السودان ناقشا عدداً من الأوراق الهامة في هذا الخصوص.
الورشة تولت إقامتها وزارة الإرشاد والأوقاف وهي وزارة تم إنشائها بصفة رسمياً في العام (2001) وذلك بموجب المرسوم الجمهوري الصادر عن الرئيس البشير والذي يحمل الرقم (12) استناداً إلي دستور السودان السابق الصادر في العام سنه 1998، وعقب إجازة الدستور الانتقالي الذي أعقب اتفاقية السلام الشاملة في العام 2005 أنيط بالوزارة بوضوح السياسات العامة والتخطيط والتنسيق بين المستويان الاتحادية والولائية والتدريب المجتمعي.
ومن ثم فإن الوزارة المعنية بقضايا المجتمع حددت بوضوح أهدافها الإستراتيجية المتمثلة في أّذكاء روح التدين لدي الأفراد وتزكيتهم للوصل إلي مجتمع الفضيلة وتحريك وسائل الدعوة والإرشاد في مجتمع يسوده التوافق والانسجام وعلي وجه العموم فإن وزارة الإرشاد السودانية المعنية بهذا الملف الاستراتيجي الهام أصبحت لديها (11) اختصاص تم تحديهم بموجب المرسوم الجمهوري رقم (21) الصادر في العام 2017 من بينها وضع السياسات العامة للدعوة، وتعميق روح الإخاء والتسامح الديني وكفالة حرية الاعتقاد ورعاية الشئون الدينية الخاصة بغير المسلمين بالتعاون مع الولايات والمؤسسات ذات الصلة.
وقد تم عقد ورشتين بها الخصوص في أمراهما في العام (2012 ) وثانية في العام 2016 الأولي لمسئولي الدعوة الإسلامية والثانية لقادة الكنائس ورجال الدين المسيحي.
الورشتين خرجتا بموجهات إستراتيجية تمثلت في ضمان حرية العقيدة والعبادة وحفز وتكثيف النشاط الديني لتزكية المجامع ودعم جهود تعميق الإيمان وتبني منهج الوسطية ودعم مؤسسة الأسرة وحمايتها وتشجيع الحوار الديني والمجادلة بالحسنى وبناء قاعدة بيانات دعوية وأحكام التنسيق بين وزارة الإرشاد ووحداتها بالولايات وتوجيه وتطوير الخطاب الدعوي بما يخدم مصلحة المواطنين والوطن، وإصلاح واقع الأوقاف ومراعاة التوازن في توزيع المساجد والكنائس والخلاوي ودور العبادة المختلفة علي نطاق السودان.
بناءً علي تلك الأسس دعت الوزارة في العام (2007) لأول مؤتمر للحوار الإسلامي المسيحي شارك فيه دعاة وقادة كنائس من مختلف أنحاء العام ثم انعقد المؤتمر الثاني في العام (2009) وكان من ثمار هذين المؤتمرين أن المشاركين الذين جاء وأمن كافة أنحاء العام أثنوا ثناءً كبيراً علي نموذج التعايش الديني الذي لمسوه عملياً وعلي الأرض في السودان، بل أن هؤلاء المشاركين تداعوا للمشاركة في اليوم الذي احتفلت فيه الكنائس الوطنية السودانية – العام 2016- ربما أسمته (يوم الشكر) وهو كرنفال حاشد شهدته أم درمان أكد فيه المشاركين وقادة الكنائس السودانية أنهم يتمتعون بكامل حقوق المواطنة والعيش الكريم المشترك ولذل يبرز السؤال المهم: هل في السودان تعايش ديني؟
في الواقع لم يسجل التاريخ حادثة واحدة ولو طفيفة تنفي وجود تعايش ديني في السودان فعلاوة علي أن السودان يستقبل مئات الآلاف من اللاجئين من دول الجوار فهناك وجود أجنبي كثيف لغير المسلمين في السودان بعضهم دخلوا البلاد بطرق قانونية ولديهم أقامات وهم حوالي (50,157) مقيماً وهم من مختلف دول العالم وبعضهم دخولا بطرق غير مشروعة وهم حوالي (454,556) أجنبي! وبعض ثالث هم لاجئين من أُثيوبيا واريتريا وجنوب السودان ويقيمون في مخيمات لاجئين ويبلغ عددهم حوالي (3 مليون) هذه الأعداد المهولة للاجئين أجانب ليسوا جميعهم مسلمين يؤكد حقيقة التعايش الديني في السودان، فإذا كان حال الأجانب غير السودانيين فما بالك بالسودانيين أصحاب الجنسيات وحقوق المواطنة؟ أما عدد الكنائس فحتي نهاية العام 2016 بلغت (702) كنيسة مقابل (28,911) مسجد، لم تسجل مضابط الشرطة أي اعتداء علي كنيسة وان سجلت اعتداءات علي مساجد، ومرد ذلك دون شك إلي التعايش الديني الملموس في السودان.
لقد عملت الورشة المذكورة من خلال الأوراق المهمة التي قدمت علي مدي يوم كامل علي إثبات وترسخ مفهوم التعايش الديني في هذا البلد ومن المستحيل حتي علي من هو مكابر ومغالط أن يغالط في وجود تعايش ديني حقيقي وملموس في السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق