الخميس، 21 ديسمبر 2017

اسطنبول ومحاور إستراتيجية حقق فيها السودان اختراقات مؤثرة!!

في مدينة اسطنبول التركية – أواخر الأسبوع الماضي – كان الرئيس السوداني المشير البشير بالبزة السودانية الوطنية المميزة، يشكل حضوراً اقليمياً ودولياً زاهياً.
حضور السودان في محفل اقليمي دولي يناقش بقوة قضية استراتيجية محورية مثل القضية الفلسطينية، هو في واقع الأمر حضور استراتيجي بكل ما تعني الكلمة، إذ أن قضية القدس قضية لا تحتمل المساومة وأنصاف الحلول، وهي قضية يقف فيها السودان مصطفاً في صف أمته ومبادئه قبل
أية مصالح دولية ولهذا فإذا أردنا قراءة الأبعاد الإستراتيجية للحضور السوداني المميز في اسطنبول فإننا نقرأ : أولاً : أثبتت السودان ألا شئ يعيقه عن التفاعل مع قضايا أمته قط، ذلك أن أهم ما تميزت به السياس السودانية الخارجية طوال العقود الثلاثة الماضية أنها غير مقيدة، غير مرتبطة
بمحاور تسيطر عليها القوى الدولية، هي سياسة طليقة الا من أساور قضايا الأمة المحورية، وهو ما جعل السودان دائماً مرتكزاً ونصيراً للمستضعفين والمظلومين جراء ظلم وافتئات القوى الدولية ذات الذيول الصهيونية! لم يتردد السودان قط طوال تاريخه في خوض معارك أمته، ولم يضع مبادئه
القومية يوماً في جيبه الخلفي وعلى ذلك فإن الرئيس البشير حين اصطف في صف زعماء العالم الاسلامي في اسطنبول عبر عن ذلك البعد الاستراتيجي المؤشر للسودان في خضم قضايا الأمة.
ثانياً : لم يفكر السودان قط وهو يسارع للمشاركة في هذا العمل القومي المشترك في العقبات والمتاريس الموضوعة أمامه من قبل ذات القوى الدولية. ونعني هنا على وجه الخصوص مهزلة محكمة الجنايات الدولية والقيود التي ما فتئت تضعها أمام حركة الرئيس البشير. فقد ظل الرئيس
السوداني ومنذ صدور مذكرة لاهاي – العـ2009ـام – شديد الحرص والمثابرة على الحضور المواظب في المحافل الدولية ولهذ فإن ظهور الرئيس في اسطنبول في ظل أزمة كهذي، أكد للعالم أن السودان لا يهاب أحداً ولا يعترف بمحكمة سياسية محشوة بالمصالح الدولية لا علاقة لها بالعدالة لا
من قريب ولا من بعيد! لقد ضرب السودان أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو اخترق – كعادته – أجواء التخويف ومحاولة تقييد الحركة، وانتظم في صف مناهض للقرارات التي تصدرها القوى الدولية الظالمة بأخذ حقوق الفلسطينيين وحقوق المسلمين ومنحها – بغير أدنى حق – للاسرائيليين
الصهاينة. وهو ايضاً بهذا الموقف سجل نفسه في قائمة الصف الدولي المنادي بالحقوق، الرافض للظلم، وغير القابل للمساومة وهو صف لا يضم المسلمين وحدهم فهنالك مناصرين لقضايا المسلمين وحقوقهم العادلة المشروعة على نطاق العالم فقد شكل الرئيس الفنزويلي حضوراً ربما
فاجأ بعض القوى الدولية وأدهشها!!
ثالثاً : حضور السودان في اسطنبول في هذا الظرف التاريخي العصيب عمل على تعلية العلاقات السودانية التركية وتمتينها وتقويتها، اذ أن وكالات الأنباء المختلفة نقلت عن اسطنبول اللقاء المغلق المطول الذي عقده الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والسوداني المشير البشير والذي امتد
لما يقارب الساعتين!! اذ أن من المؤكد أن محادثات مغلقة تمتد لكل هذا الوقت لا يمكن أن تكون مجرد محادثات روتينية ومجاملات دبلوماسية خاصة اذا علمنا أن الرئيس التركي بصدد زيارة السودان في أواخر خواتيم هذا العام – أي في غضون أيام – ومن المتوقع أن يكون بمعيته وفد وزاري رفيع
لوضع نقاط مهمة للغاية على حروف علاقات البلدين.
إذن مجمل الأمر أن السودان في تحركه الاستراتيجي الجاد باتجاه بناء جدار سميك وقوي لحماية مقدسات الأمة وحقوقها غير القابلة للتنازل، يتحرك من واقع مشاعره القومية ومواقفه المبدئية، ويسعى لترسيخ وحدة العمل الاسلامي المشترك القائم على الحق والخير بعيداً عن المحاور
الدولية التي تعبث بمصالح الأمة. كما أن السودان بتحركاته هذه أثبت أنه قادر على التفاعل، قادر على دفع اشتراكه الاستراتيجي من جيبه السياسي الخاص ومستعد لتشكيل حضور أنيق أكثر تأثيراً وعمقاً كلما تعلق الامر بقضية من قضايا أمته!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق