الأحد، 31 ديسمبر 2017

أنقرا.. الخرطوم و(3) أيام هزت العالم!!

لم تأت الشراكة السودانية التركية المشبعة بقدر وافر من الرؤى الإستراتيجية المتطلعة للمستقبل من فراغ! فالرئيس أردوغان لم يستقل طائرته الرئاسية ليقضي زهاء الـ(3) أيام في السودان فقط من أجل البروتوكول والمراسم والصدى الإعلامي.

الرجل ملأ طائرته بأكثر من مائتي رجل أعمال ورئيس شركة ووزراء ومساعدين بحيث سد الأفق تماماً في مطار الخرطوم. السودان من جانبه كان قد هيأ كل أوراقه وقضاياه لاستقبال المنظومة التركية الإستراتيجية التي نادراً ما تلتئم على هذا النحو، إذا لم يكن الأمر بالفعل يأتي في سياق عمل إستراتيجي تاريخي حافل بالمتغيرات. تركيا كانت منذ عقود ترنو بعينين ثاقبتين إلى الموارد السودانية الهائلة التي تحتاج فقط لتحريكها وإخراجها من مكانها.
ويكفي أن نعلم هنا أن القطاع الخاص التركي، قطاع صعب الإستهانة به وقل أن تجد نظيراً موازياً له في المنطقة، إذ أن هنالك حوالي (101) مؤسسة طوعية في تركيا تضم  رجال الأعمال والشركات وتدير مصالحهم!! ولا شك أن هذا يعكس أهمية القطاع الخاص في تركيا وتأثيره المباشر على مجمل النشاط الاقتصادي للدولة هناك، ومن جانب آخر يعكس أيضاً قدرة هذه المؤسسات في نقل تجربتها وإمكانات التدريب وإكساب المهارة لدولة أخرى!! كما أن حديث الرئيس أردوغان القطاع بعدم رضائهم في تركيا عن حجم التبادل التجاري بين أنقرا والخرطوم والذي لا يتعدى الـ(500) مليون دولار سنوياً وعزفهم رفع هذا الحجم إلى (1) مليار دولار على المدى القصير ثم (10) مليار دولار على المدى المتوسط يعطيك قراءة كافية على أن هذا الوفد الكبير لم يأت إلى السودان في إطار زيارة والسلام.
بل أن وزير الاقتصاد التركي (نهاد زيابيكي) جزم بأن الوزراء المختصين في البلدين منحو فترة زمنية قدرها (عام واحد) ليرفعوا تقارير وافية عن ما تم إنجازه وتحقيقه بشأن الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي بلغت (12) اتفاقية! الوزير التركي قال إن متابعة صارمة سوف تتم خلال المدى الزمني المضروب لمعرفة ما تم حتى يتسنى البناء عليه واستكمال الشراكة الإستراتيجية بكافة جوانبها! بل ان بعض المشروعات التي تم طرحها في المجال الزراعي مثل زراعة مليون فدان قطناً، بدأ واضحاً ألا عائق يعيشقها،
الأرض موجودة، الري موجود، ورأس المال متاح والجانب التركي مستعد بالآليات والمكينة والمورد البشري. وهكذا بإمكاننا أن نقول ان الخرطوم وأنقرا وضعتا أساساً لشراكة اقتصادية من نوع استراتيجي خاص من النادر أن يتوفر في ظروفنا الحاضرة، فالسودان خرج من مرحلة العقوبات الإقتصادية الأمريكية وهو يبحث عن ما يداوي جراحة ويعيد حركة جسده المثخن بالطعنات والضربات، وتركيا التي لم تكن على قناعة أصلاً بتلك العقوبات ووقفت مع السودان في تلك المحنة تدرك أن تكامل الجهد والعقل ورأس المال والخبر يصنع المستحيل! تركيا حققت ما يشبه المستحيل في السنوات الـ(10) الماضية، ويتكامل نجاحها المذهل الآن لخلق مساحة نجاح إقليمية أوسع وأكثر تأثيراً وحراكاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق