الأحد، 25 ديسمبر 2016

بريطانيا وخطوات استراتيجية لرفع العقوبات الأمريكية عن السودان!

قالت نائبة السفير البريطاني في الخرطوم (كيت رعد) ان بلادها تعقد الآن مؤتمراً (نوعياً) لبحث إمكانية تخفيف العقوبات الأمريكية الأحادية الجانب المفروضة على السودان. الدبلوماسية البريطانية قالت للصحفيين في الخرطوم،

أن المؤتمر تحضره المؤسسات المصرفية التي تعمل في بريطانيا بحضور ممثلين للإدارة الأمريكية. ولا شك أن هذه الخطوة البريطانية يمكن قراءتها ضمن الرفض الضمني والصريح للعقوبات – بصفة عامة والعقوبات الأحادية الجانب التي عادة ما تفرضها قوى دولية عظمى على دول أخرى تناصبها العداءن بصفة خاصة. صحيح أن مبدأ العقوبات في العلاقات الدولية صار أمراً واقعاً ولكن من الناحية القانونية
والإنسانية فإن العقوبات – كما ثبت مؤخراً – تؤثر في الاستقرار ومن ثم فإن من الممكن أن تصبح عنصراً مهدداً للسلم والأمن الدوليين.
أذ أن أية عقوبات يتم فرضها من قبل دولة أخرى خاصة العقوبات الاقتصادية باعتبارها الأكثر شيوعاً، فإن أثرها سرعان ما يمتد الى مواطني الدولة بصفة مباشرة فيتأثر دخلهم ويتأثر عملهم وتتأثر ظروفهم الصحية والتعليمية، كما أن العقوبات تتأثر بها دولاً أخرى خارجية لأنها محظورة – بموجب القرار الأمريكي – من اجراء أية معاملات مصرفية مع البلد المعاقب. بريطانيا على سبيل المثال تعاني مصارفها
وبنوكها من حظر التحويلات من والى السودان نتيجة للعقوبات الأمريكية ولذا – وكما أشارت الدبلوماسية البريطانية (كيت رعد) فإن أبرز الحضور في المؤتمر هم ممثلين البنوك والمصارف العاملة في بريطانيا! ففي ذلك إشارة واضحة الى أن المملكة المتحدة متضايقة بدرجة ما من هذه العقوبات ولذا تسعى على الأقل في الوقت الراهن لتخفيفها. واذا أردنا تفسير بعض جوانب هذه الخطوة البريطانية فإن
السفارة البريطانية وفي شهر يونيو 2016 نظمت مؤتمراً في لندن للتعريف بما أطلقت عليه (الفرص الاستثمارية في السودان). حضره بعض المسؤولين السودانيين في مقدمتهم د. تابيتا بطرس الوزيرة بوزارة النفط السودانية وعدد مقدر من رجال الأعمال البريطانيين فاق الـ(30). ونظراً لأهمية المؤتمر فإن رجال الأعمال البريطانيين لم يكتفوا بالمؤتمر وما قيل فيه وإنما حزموا حقائبهم وذهبوا إلى الخرطوم
للوقوف على هذه الفرص الاستثمارية على الأرض!
ولا شك أن السودان بموارده المختلفة في شتى المجالات فرصاً ذهبية للإستثمار.
وبريطانيا التي كانت تحكم السودان قبل أقل من قرن، تعرف طبيعة هذه الفرص الاستثمارية وتدرك الكثير بهذا الصدد، ومن جانب آخر فإن بريطانيا أيضاً التي صوت مواطنوها مؤخراً للخروج من الاتحاد الأوروبي، تدرك أهمية الاستثمار وتعرف الى أي مدى هي في حاجة لانتشار رأسمالها في المناطق المؤثرة في العالم. من ناحية أخرى فإن قيام بلد – بأهمية المملكة المتحدة، العضو الدائم في مجلس الأمن
– بالسعي لتخفيف العقوبات الاقتصادية على السودان والتي استمرت حتى الآن لحوالي (20) عاماً هو في حد ذاته دليل مادي قوي وقاطع بأن فرض واشنطن لهذا العقوبات على السودان لا يقوم على أساس معقول. واشنطن نفسها سبق وأن قامت بتخفيف وطأة هذه العقوبات على السودان بالسماح لبعض شركات الاتصالات الأمريكية بنقل تقنية الاتصالات.
كما سمحت بمنح تأشيرات للسودانيين من سفارتها بالخرطوم اضافة الى بعض التخفيف في المجال الزراعي. المؤتمر البريطاني ربما يدفع واشنطن للمزيد من إجراءات التخفيف في المستقبل القريب اذ أن بريطانيا لا تقوم بأي خطوة ذات صلة بشأن دولي الا اذا كانت على يقين من أن هذه الخطوة من الممكن أن تفضي الى نتائج ايجابية. صحيح أن هنالك الأن ادارة أمريكية منصرفة وادارة مقبلة وان
اتخاذ قرار في هذه الفترة أمر صعب، ولكن من الممكن أن تضع الإدارة الجمهورية المقبلة الامر في برامجها للمرحل المقبلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق