الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

مكاسب تهدرها الهواجس

بقلم/ النور أحمد النور
وقع السودان وجنوب السودان، الأسبوع الماضي في أديس أبابا، على مسودة قرار لتنفيذ اتفاق لإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح على طول الحدود بين البلدين التي تمت أكثر من ألفي كيلومتر.
الخط الصفرى، الذي سيتم رسمه على حدود المشتركة، سيؤدي إلى فصل جيشي البلدين بمنطقة عازلة، وفتح المعابر العشرة المتفق عليها، كما سيسهل حرية حركة التجارة، والتنقل، والتعاون، وسيكون نواة لتفعيل الاتفاقات الأخرى المبرمة منذ سبتمبر 2012م.
الاتفاق الجديد تأخر نحو ثلاثة أعوام خسر فيها الطرفان سياسياً واقتصادياً، وظلت علاقات الدولة الأم مع جارتها الجنوبية الجديدة تحكمها الشكوك الأمنية والاتهامات المتبادلة، وأزمة الثقة مما أضاع على البلدين وشعبيهما مصالح كانت كفيلة بوضع العلاقات على مسارها الصحيح.
رغم الاحتقان والتوتر الذي سيطر على العلاقات كان يمكن فتح الحدود والمعابر، وإنشاء المنطقة العازلة، وتأجيل تسوية الخلافات على المناطق المتنازع عليها، الأمر الذي كان سيوفر مناخاً أفضل لمناقشة الملفات الخلافية، التي تباطأت الخرطوم في معالجتها قبل الانفصال فباتت عقبة أمام علاقات طبيعية وعكرت صفو الدولتين.
من أبرز القضايا العالقة ترسيم الحدود الذي يعطله النزاع على حفرة النحاس، وكاكا التجارية والمقينص ودبة الفخار والميل 14.
رغم هذه الخلافات فان قضية الحدود يمكن إرجاؤها، فلا تزال خلافات السودان مع جيرانه سواء مع مصر أو إثيوبيا أو افريقيا الوسطي بشأن نقاط حدودية مستمرة منذ عقود وستضاف إليها مزيد من الخلافات ليس إلا.
علاقات السودان مع إثيوبيا في أفضل حالاتها رغم احتلال جهات أثيوبية أكثر من مليون فدان في ولاية القضارف من أخصب الأراضي الزراعية، وكذلك افتتح السودان معبر قسطل – اشكيت مع مصر في الضفة الشرقية للنيل وسيفتتح قريباً معبر أرقين على الضفة الغربية مع استمرار اغتصاب مصر لمثلث حلايب.
فتح المعابر بين السودان وجنوب السودان سيستفيد منه مواطنو ست ولايات سودانية وخمس جنوبية، يتعايشون وتربطهم مصالح مشتركة، والمأمول أن يتحول الشريط الحدودي بين البلدين الى حدود مرنة تجعل منها دوحة سلام وأمن ومحال مفتوح للتواصل والتعاون.
إغلاق الحدود بين السودان والجنوب لم يستفد منه أي طرف، فالقبائل على المناطق الحدودية لها طرقها في التعامل للمحافظة على مصالحها، ومئات الشاحنات تعبر يومياً من السودان إلى الجنوب تحمل السلع والبضائع بطريقة غير رسمية مما أهدر وأفقد الخزينة العامة مئات الملايين من الدولارات، تذهب لجيوب أفراد.
نأمل ان يتعامل قادة الحكم مع ملف جنوب السودان بعقلية سياسية واقعية وبرغماتية، وإدارة العلاقات مع جوبا بآليات سياسية وليست أمنية حتى لا نندم على مكاسب آنية ومستقبلية كانت في متناول اليد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق