الأحد، 4 أكتوبر 2015

العلاقات مع واشنطن.. هل يصلح عطار الخارجية ما افسده الدهر؟

بقلم : بخاري بشير
التقى بروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية بجون كيري على هامش لقاءات الدورة 70 من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتناولت صحف عديدة اللقاء بالكثير من التفاؤل.
لكن يظل السؤال المهم قائماً، هل يصلح عطار الدبلوماسية السودانية ما أفسده دهر السياسة وتضاد الرؤى في العلاقات ما بين الخرطوم وواشنطن.
وباستقراء التاريخ القريب نجد أن آخر تحالف بين العاصمتين كان ابان حقبة مايو عندما وجد الامريكان في جعفر نميري أيامئذ ضالتهم، وأصبح حليفاً لواشنطن، وفي عهده تمت العديد من الاتفاقات التي ما كان لها أن تتم اذا كان على سدة حكم الخرطوم رجل غير جعفر النميري. وحقق الأمريكان بمعاونة نميري أكبر عملية لترحيل اليهود الفلاشا الى اسرائيل عبر السودان وعرفت حينها بعملية موسى، وغيرها من المشروعات بين البلدين ليس اخرها المعونة الامريكية، والاغاثات وما عرف بعيش ريغان.
ثم تراجعت العلاقات بين البلدين بمجرد أن جاءت حكومة ديمقراطية في منتصف الثمانينات، وصعدت بالصادق المهدي زعيم حزب الام رئيساً للوزارة، وتعود جفوةواشنطن مع حفيد الامام المهدي بسبب اتزانه في معادلة العلاقات الدولية وسعيه لفتح أبواب العلاقات مع جميع اطراف المجتمع الدولي دون استثناء بما فيهم اعداء واشنطن.
ولم تستمر حكومة الديمقراطية كثيراً، حيث اجهضت بانقلاب الانقاذ الذي كان في حقيقته انقلاب الحركة الاسلامية، فتزايد بعد ذلك العداء الامريكي للسودان بسبب رأي واشنطن المسبق عن الاسلاميين.
ووصل العداء أوجه في فترة التسعينات، حيث فرضت العقوبات الامريكية على السودان والتي استمرت حتى الآن.
وأسهدت واشنطن بشكل كبير ومباشر في دعم كافة الحركات المسلحة التي رفعت سلاحها في وجه الخرطوم، واحتضنت امريكا معارضي الانقاذ في أرضها، بل وصل العدء مرحلة أن تقوم واشنطن بنفسها في توجيه ضربة عسركية للسودان (مصنع الشفاء) الذي تم ايضاً بايعاز من المعارضة وتسريبها لمعلومات كاذبة.
قدمت واشنطن دعماً غير محدود للحركة الشعبية والجيش الشعبي في حربها ضد الخرطوم، واشهمت في ادخال لاعبين جدد الى ميدان الحرب، عندما حركت عواصم الجوار ضد الخرطوم في كينيا ويوغندا واريتريا.
وقادت الولايات المتحدة حروباً دبلوماسية عديدة ضد الخرطوم كان ميدانها المحافل الدولية المختلفة، ثم قادت ما عرف بنيفاشا كأطول مفاوضات في المنطقة، ونجحت في ابرامها بعد بذلها للوعود مع الخرطوم، واوعزت للسودان انها ستطوي ملفات العقوبات والديون وغيرها اذا ما قبل السودان برأي الجنوبيين في تحقيق انفصال سلس.
لم تقدم واشنطن للخرطوم، اي شئ مما وعدت به وتنصلت عن كل ما قالته، ورفعت مطالباتها مجدداً بضرورة علاج أزمة دارفور والمنطقتين اذا ارادت الخرطوم تطبيعاً مع واشنطن ولا زال السودان يعاني الامرين جراء الوعود الامريكية الزائفة، فقد انهارت بفعل الحصار والعقوبات مشروعات عملاقة كانت دعامات للاقتصاد السوداني، وحاز السودان للقب الدولة صاحبة اطول فترة في سريان العقوبات.
مسارات العلاقة مع واشنطن يحكمها هدف واحد وهو اسقاط الحكومة في الخرطوم، ولا تلتفت المجموعات صانعة القرار الامريكي الى اي هدف آخر، وليس من الاهداف الابقاء على نظام الخرطوم، لكل ما سبق وغيره من التحليلات اقول أن عطار الدبلوماسية السودان لن يصلح ما افسده الدهر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق