الثلاثاء، 13 مارس 2018

ما أهمية قرار محكمة الاستئناف الكينية بشأن الرئيس البشير؟!

على اهمية قرار محكمة الاستئناف الكينية التى ألغت قراراً سابقاً لمحكمة ابتدائية كينية لتوقيف الرئيس البشير إنفاذاً لمذكرة محكمة الجنايات الدولية الصادرة في عام 2009م، الا ان اهمية القرار لا تقف فقط عند حدود الغاء القرار بقدر ما تكمن أهمية
القرار في الحيثيات المنطقية التى وردت في ثنايا القرار.
محكمة الاستئناف الكينية كانت تنظر طعناً تقدمت به الحكومة الكينية ضد قرار لمحكمة ابتدائية كانت قد قضت بإلزامية تنفيذ مذكرة التوقيف الدولية بحق الرئيس السوداني.
الحكومة الكينية التى ادركت فداحة مثل هذا القرار وخطورته لجأت إلى الطعن في القرار -كحق قانوني تملكه- امام المحكمة الاستئنافية الاعلى والتي اصدرت قرارها في الطعن في السادس عشر من فبراير الماضي.
وكما قلنا فان اهمية القرار انما تكمن في حيثياته، حيث أوردت محكمة الاستئناف ان الحكم يخلق تقاطعات و تعارضات في القانون الدولي. خاصة في ما يلي حصانة رؤساء الدول والحكومات بالاضافة إلى ان الاتحاد الافريقي سبق و ان اصدر قراراً منع بموجبه الدول الاعضاء من التعاون مع المحكمة.
قرار محكمة الاستئناف اشار ايضاً إلى ان التعاون مع الحكمة الجنائية الدولية من عدمه أمر يخص الحكومة الكينية وحدها. واذا أردنا تحليل منطوق هذا الحكم فاننا نلاحظ:
اولاً، ان محكمة الاستئناف الكينية قد وضعت مبضعها بمهارة على موضع الجرح، حين اشارت إلى التقاطعات و التعارضات التى خلقها قرار المحكمة الدولية في القانون الدولي؛ اذ ان توقيف رئيس دولة على ارض أجنبية يتقاطع و يتعارض مع القانون الدولي والاتفاقيات الدولية الشهيرة الخاصة بحصانات الرؤساء وعلى وجه الخصوص اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1989 والتى تحظر مجرد توقيف دبلوماسي اجنبي في ادنى السلم الوظيفية ناهيك عن مسئول كبير او رئيس دولة!
ومقتضى ما قاله قرار المحكمة الكينية -بحق- ان الالتزام بقرارات محكمة الجنايات الدولية يعني بالضرورة مخالفة القانون الدولي والاتفاقايات الدولية. وهو عيب جوهري بالغ الخطورة وما يزال خبراء القانون عاجزين عن إيجاد حل له في ظل اصرار قضاة محكمة الجنايات الدولية على مواقفهم.
اذن هذه النقطة الجوهرية ستظل عقبة كأداء امام أي اجراء تتخذه محكمة الجنايات الدولية لانها ببساطة تشيع الفوضى و تدعو لإهالة التراب على رموز السيادة بين الدول وتدخلهم في خلافات و معارك ما أغناهم عنها، وهذا للاسف يكشف عن مدى التسييس الذي أنشأت على اساسه محكمة الجنايات الدولية، ومدى حجم المصالح وسوء النية المخبوء وراء دثار العدالة الزائف الذي تدثر بها قضاة لاهاي، مع انهم يعلمون -كرجال قانون- ان المحاكم لم تنشأ لخلق تعارض مع القوانين وهز العلاقات الدولية بين الدول و اشاعة الفتنة والكراهية!
الجانب الآخر المهم في حيثيات قرار محكمة الاستئناف الكينية – وهو بالغ الاهمية، ان المحكمة الكينية وحدها من يقرر التعاون مع المحكمة الجنائية من عدمه، وهذا يكشف ان قرار المحكمة الابتدائية لم يصدر بناء على طلب من الحكومة الكينية، كما يكشف انه لا يجوز لاي شخص او منظمة مجتمع مدني التقدم بطلب لاصدار امر توقيف، اذ ان هذا الحق يخص الحكومة وحدها.
على كل فان مثل هذه القرارات بما تورده من حيثيات ترفع من مستوى وعي وإدراك غير المشتغلين في الحقل القانوني بفداحة مسلك محكمة الجنايات و هي امور من شأنها في المستقبل القريب ان تقضي على هذه التجربة الشائهة التى خالفت القوانين الدولية و اصبحت هي نفسها مهدداً للامن و السلم الدوليين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق