الثلاثاء، 2 يناير 2018

أسلوب (يالهوي).. في الإعلام المصري!!

لم يكن غريباً قط أن ينزعج الإعلام المصري كل هذا الانزعاج وتحبط به كل هذه الهواجس والوساوس المؤلمة وهو يري السودان يؤسس لمستقبل إستراتيجي ضخم مع دول تعتبر من أبرز وأهم دول الإقليم ودول العام، ونعني بها تركيا!

هواجس ومخاوف الإعلام المصري مفهومة، فهو إعلام  قائم علي الثقافة المصرية العامة التي لا تحتمل الألم ولو لثوان أو دقائق معدودة.
ومن المؤكد أن الذين تابعوا بعض القنوات التي صعب عليها احتمال الألم، لاحظوا بوضوح (انتفاخ الأوداج) و(احمرار الوجوه والعيون) و(الصراخ القادم من أعماق الأعماق)!!
هذه هي طبيعة الأشياء في الإعلام المصري، ولكن ولكي فتمعن جيداً في ثنايا هذه الصرخات غير المجدية وما نطلق عليه في الثقافة الشعبية العامة (الجرسة) علينا أن نقف عند عدة نقاط مهمة لابد من استصحابها لفهم ما وراء هذا الألم أولاً: نشأ الإعلام المصري للأسف الشديد وفي ذهنيته أن السودان ليس فقط مجرد (حديقة خلفية) للاستجمام السياسي وتحقيق المصالح وضمان وصول حصة المياه عبر نهر النيل، (ولكنه أيضاً بلد (تابع) لشمال الوادي وتحتم عليه تبعيته ألا يتصرف بمفرده وألا يتخذ مواقف وقرارات بمعزل عن (سرايا عابدين) أو قصر القبة!!
والمواقع أن هذه العقدة تاريخية تجذرت في الذهنية الإعلامية هناك وكادت أن تصبح عقيدة إعلامية.
ثانياً: السودان في المخيلة الإعلامية المصرية مجرد (غابات مظلمة)، وصحاري وأسود وزواحف تمشي في أنحاء الخرطوم، وهو بهذه الصفة لا يملك حق (الخروج من البيت) دون الحصول علي إذن !!
ولذا تجد أن أية خطوة إستراتيجية يتخذها السودان في علاقاته الدولية تجد الاستهجان والسخرية من الإعلام المصري أياً كان النظام الحاكم هنا أو هناك، مع أن ذات (الحلقوم) الذي يصرخ بذلك هو نفسه الحلقوم الذي يحرص علي أن يقول لك علي طريقة الفهلوة الشعبية (نحنا أخوات)!!
ثالثاً: بناء السودان لعلاقة إستراتيجية مع تركيا – في ظل هواجس النظام المصري وتوجسه من أنقرا ما كان ينبغي أن يجعل السودان (نحتاً) لإطلاق النار بهذه الكثافة، إذ أن القاهرة  تعرف طبيعية علاقتها بأنقرة وأسبابها ومبرراتها فلماذا لا تلجأ إلي معالجة الخلل في تلك العلاقة بدلاً من السخرية من السودان لمجرد توجهه من منطلق مصالحه لما يحقق تلك المصالح.
رابعاً: مصر ظلت وما تزال تحتل أرضاً سودانية خالصة ممثلة في مثلث حلايب المحتل، ورفضت أية تفاوض أو تحكيم – كمسلك حضاري تقتضيه قضية (نحنا أخوات) هذه فهل فعل الإعلام السوداني ما فعله ويفعله الإعلام المصري؟ هل رأي الخوة في مصر (صرخات) و(سق جيوب) و(ولوله) في الإعلام السوداني جراء احتلال أرض حلايب.
خامساً: لم تعد اللعبة التمثيلية المعروفة عن الأنظمة المصرية في ادعاء أن ما يقوله الإعلام يقوله من منطلق أنه حر يقول ما يشاء تنطلي علي أحد، فقد وفرت الدراما المصرية التي ظل السودانيين من غالبية مشاهدتها لسنوات مضت، مفهوماً جيداً لطريقة  (الحبكة) والسيناريوهات السهلة الأقرب إلي السذاجة التي تحكي عن طريقة توزيع الأدوار وبناء القصص الخيالية!
مجمل القول أن الصرخات الإعلامية المصرية في واقع الأمر واحدة من أهم الأدلة التي تؤكد أن السودان بالفعل اختط طريقاً استقلالياً واضحاً وأن الدور المصري والمكانة القيادية لمصر باتت تحتاج إلي سمنارات وورش ومراجعات للتاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق