الأربعاء، 10 يناير 2018

سقوط القناع عن وجه مصر العدوانية

«لا أظن أن هناك مشكلة أكثر تعقيداً بالنسبة لمصر من مسألة العلاقات المصرية ـ السودانية». تلك كانت الجملة الإفتتاحية في المقال الذي كتبه الدكتور مصطفى الفقى ونشرته صحيفة «الأهرام» بتاريخ 19/12/2017م.
الدكتور الفقى أحد سدنة نظام الرئيس حسني مبارك وأحد كهنة النظام الحالي في مصر . في نفس الفترة التي كتب فيها «الفقى » مقاله «الرسمي» كشفت صحيفة «فورشن Fortune الاثيوبية» أن مصر أوفدت وزير خارجيتها إلى أديس أبابا لطلب إقصاء السودان من مفاوضات سدّ النهضة . ولكن باءت مصر بالفشل في مسعاها الخاسر. ما جواب «الفقى» على تآمر مصر ضد السودان. الردّ المناسب في الخرطوم على ذلك التآمر المصري ضد السودان ينبغي أن يكون توقيع اتفاقية «عنتبي» بديلاً لاتفاقية مياه النيل الغابرة لعام 1959م. في نفس الفترة التي كتب فيها «الفقي» مقاله «الأهرامي» الذي يعبّر عن نظام الخديوية الجديدة في مصر، انعقدت أول قمَّة استثمارية عالمية للسودان ، تعقد في أوربا . حيث استضافت لندن في ديسمبر 2017م ملتقى استثماري بريطاني ـ سوداني . حيث شاركت بالحضور أكثر من مائة شركة بريطانية . كما سجَّلت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى روسيا اضافة هامة إلى علاقات السودان الدولية. ثمَّ جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم لتعلن عن فتوحات سودانية جديدة في العلاقات السودانية الخارجية. إزدياد قدرات السودان تعني بالضرورة اقترابه من «إقلاع النهضة» و استغلال نصيبه من مياه النيل سدوداً ومشاريع زراعية. إعاقة السودان عسكرياً وأمنياً وسياسياً استراتيجية مصريَّة . منذ عام 1959م وحتى اليوم حازت مصر على «350» مليون متر مكعب من المياه السودانية. قال الدكتور «الفقى» في مقاله «ماتت روح الإخاء المصري ـ السوداني». لكن في إشكاليَّة «سوء علاقات مصر بالسودان» لماذا يدِّون «الفقى» الجريمة ضد مجهول. أليس المسئول جيش النظام المصري الذي يحتل حلايب وشلاتين،وليس جيش السودان الذي لا يحتل أسوان أو الفيُّوم . لماذا يصمت «الفقى» عن حقيقة أن الجيش المصري يحتل الأراضي السودانية ، بما فيها البادية السودانية الواقعة بين وادي حلفا وأسوان، جيش حقيقي وليس جيش عفاريت. لماذا يغضّ «الفقى» النظر عن التعزيزات العسكرية المصرية الضخمة في قاعدة «ساوا» في غرب أريتريا على بعد «300» كيلومتر من حدود السودان . لماذا كلّ فوهات البنادق المصرية اليوم متوجِّهة نحو العدو «السودان» ، من «جوبا» و «أسمرا» و «حلايب» و «شلاتين» و«دارفور» و «بادية وادي حلفا». نظام مصر يتحمل المسئولية كاملة عن «ذبح العلاقات الأزلية». كما أنّ إدخال العلاقات المصرية ـ السودانية في ذلك النفق المظلم الدَّامي يقع تحت المسئولية الكاملة لنظام مصر. لقد سقط القناع عن وجه إستراتيجية نظام مصر العدوانية ضد السودان. إستراتيجية احتلال أراضي السودان وحصاره عسكرياً من خمس جبهات «جبهة دارفور. جبهة جنوب السودان. جبهة شرق السودان. «كسلا» . جبهة حلايب وشلاتين. جبهة البادية السودانية شمال وادي حلفا». لقد سقط القناع عن الدور العسكري المصري في السودان. حيث فيضان من الأسلحة المصرية يغمر تلك الجبهات الخمس. حيث الجيش المصري المحتل يعربد في أرجاء الأراضي السودانية ويفرض بالسلاح السيادة المصرية على السودان. ذلك الذي قتل «الإخاء المصري ـ السوداني» . ذلك الذي صنع «أسوأ فترة في العلاقات بين البلدين». لقد أصبح نظام مصر يرى الأمور مقلوبة . حيث صار السودان ، بحسب أبواق نظام مصر من أمثال «الفقى»، أكثر مشاكل مصر تعقيداً ، أكثر من إسرائيل و «داعش» وشمال سيناء ، وغيرها . مقال «الفقى» الذي ينعي علاقات مصر بالسودان ويذرف «الدموع» على «الإخاء المصري ـ السوداني»، يعبِّر عن نائحة مُستأجَرة . مستقبل العلاقات السودانية ـ المصرية ينتظر مصر الجديدة.على السودان أن ينتظر.وإذا مات الشعر «الإستعماري» الموزون المقفَّى ، فإنَّ الشعر «الحرّ» لم يَمُت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق