الأحد، 9 أبريل 2017

مؤتمر القضاة الأفارقة في الخرطوم.. إستراتيجية النقض والإبرام !

أكثر الذين هم الآن في ما يمكن وصفه بمأزق تاريخي، وهو عبد العزيز الحلو! صحيح ان الكثير من المراقبين، والمحللين يصفون الرجل بالذكاء والمكر والقدرة على المناورة، و صحيح ان الرجل بدا -بالمقارنة مع رفيقه عقار وعرمان- صاحب الصولجان الأقوى
لاستناده إلى إثنية النوبة! ولكن في الجانب المظلم الآخر الذي قد لا يتسنى للبعض رؤيته بوضوح، فإن عبد العزيز في مأزق واقعي صعب ومرير للغاية. كيف ذلك؟
 أولاً، تسلق الرجل جبل قبيلة النوبة تسلقاً وبدا له أنه وصل إلى قمته وصار (الحارس الأمين) لقضيتهم المحورية! قد يقول قائل إن مجلس التحرير الخاص بجبال النوبة سانده ودعمه ووقف مؤازراً له، وانه بذلك أقوى من رفيقيه الآخرين، ولكن هل حقاً حصل الحلو على تأييد و دعم قبائل جبال النوبة؟ بمعنى أدق، هل هو -بغض النظر عن إنتمائه المنقوص اليهم- موضع ثقتهم ومن ثم اصبح هو زعيم جبال النوبة؟
 تصعب الإجابة على هذا السؤال لأن مكمن الصعوبة يتمثل في وجود زعماء آخرين أكثر تأثيراً وقوة، هناك خميس جلاب، دانيال كودي، كمندان جودة، وهناك في واقع الأمر المئات من قادة النوبة موزعين في عدد من التنظيمات السياسية، ليس من السهل منافستهم ولا من الممكن ان يتقبلوا فرضية تصدر الحلو للمشهد! وحتى لو تغاضوا مؤقتاً عن ذلك فإن الأمر ينتهي لا محالة بتمسك كل قبيلة بزعيمها، ويتعين على الحلو حينها ان يبحث عن (قبيلته)!
 ثانياً، الحلو -بموقفه التكتيكي هذا- فتح الباب على مصراعيه لقادة عسكريين داخل حركته لفعل ذات الشيء! بمعنى ان الرجل وهو يتحرك تحركه الانقلابي هذا، لم ينتبه إلى أنه إنما يفتح الباب واسعاً لمغامرين مغمورين داخل الحركة للانقلاب عليه هو نفسه! هذا الأمر حدث كثيراً جداً داخل الحركات المسلحة الدارفورية، إذ ان أي انسلاخ أو انشقاق هو بالضرورة مقدمة مشروعة لانشقاق آخر، وتتناسل حينها عملية الانشقاقات حتى يصبح الحلو نفسه (مجرد فصيل) يبحث عن تسمية تميزه عن بقية الفصائل، هذه سنة التاريخ وسنة التاريخ لا تتبدل!
 ثالثاً، حتى لو أمِن الحلو شر الانقلاب عليه من قبل آخرين، هل ضمن الحلو دعم الحركة الأم -على حالها المزري- وهل ضمِن الدعم الدولي المتمثل في الجماعات التى تقدم الدعم لحركته؟ الكل يعلم ان عرمان كان هو حلقة الوصل القوية في هذا الصدد، وبإمكانه هو أيضاً -أي عرمان- ان يعمل على تجفيف الدعم فى الأنبوب الواصل للحلو.
عرمان بمكره الثعلبي المعروف يستطيع ان يقدم صورة تقشعر منها الأبدان الداعمين و المولين الخارجيين عن الحلو، وحينها يدرك الحلو انه (عمدة بلا أطيان) كما يقول الاخوة في شمال الوادي.
رابعاً، طرح الحلو لرؤيته العجيبة فى التفاوض –عدم دمج القوات، تقرير المصير، يتنافى ويتصادم مع رؤية قادة النوبة إجمالاً. هذا الأمر لم يكن موجوداً في نموذج الحركة الشعبية الجنوبية، كانت الرؤى مقبولة لغالب الجنوبيين أما النوبة الآن -وقد رأوا ما آل اليه الوضع في دولة الجنوب- فإن من المستحيل ان يقتفوا أثر الحلو في رؤاه التفاوضية المدمرة هذه. إذن الحلو حمّل نفسه صخرة ملساء ضخمة أشبه بصخرة سيزيف الشهيرة! فعلها وحده و سيحملها وحده ويعاني منها وحده!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق