الأحد، 2 أبريل 2017

قطاع الشمال.. صراع المصالح كشف التناقض (1)

أخيراً أستوعب المتمردون والداعمون السريون من أبناء جبال النوبة فى ما تسمى الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، الانتهازية الصارخة التى ظل ياسر عرمان يقودهم بها الى الهاوية والمصير المجهول ....وقد كتبنا مئات المقالات حول هذه الأزمة،
  وأن تأتى متأخراً خيراً من ألا تأتى أبداً!! استوعب المتمردون الخارجون على القانون عشرات السنين تحت مطية عرمان، وعرمان له تجربة طويلة فى الانتهازية، فقد سبق له أن امتطى ظهر الحركة الشعبية لتحرير السودان (الأمة) أيام الهالك قرنق ورغم علاقة عرمان بقرنق القوية بوصفه أحد أبناء قرنق مثله مثل باقان اموم وادوارد لينو ودينق الور وأحمد عبد الرحمن ...ورغم علاقة عرمان بقرنق هذه لم تشفع له أبداً عند الجنوبيين الذين كانوا ينظرون إليه بأنه شمالي (مندكورو) انتهازى متسلق يتكسب من قضية الجنوب ليس إلا، ولذلك كان الجنوبيون يكرهونه كراهيةً شديدةً حتى فى حضرة قرنق .. ذات مرة كان قائد الحركة قرنق متوجهاً من اسمرا نحو الجنوب بطائرة خاصة بصحبة ياسر عرمان وآخرين، فلما وصلوا أطراف الجنوب، سألت القوة التى كانت مسؤولة عن تأمين وصول الطائرة  قرنق عن الذين معه فى الطائرة ...فقال لهم معى فلان وفلان وذكر ياسر عرمان، قالوا له: (الجنى دى  ــ يقصدون عرمان ــ ما يدخل معكم الجنوب، ولو اصريتم على دخوله نضرب الطائرة فى الجو)، فاضطر قرنق إلى الرجوع لإبعاد عرمان ثم رجع الوفد مرة أخرى إلى الجنوب بدون عرمان، فهذه من الأمثلة التى توضح عمق كراهية الجنوبيين لعرمان، ولعل حادثة سحبه من سباق الترشح لرئاسة الجمهورية الشهيرة فى أبريل عام2010م من قبل سلفا كير بصورة مهينة ومذلة، كانت رسالة له واضحة المعالم بأن أبناء الجنوب لا يحتملونه .. ورغم ذلك عاد عرمان بانتهازيته المعهودة ممتطياً ظهر الحركة الشعبية بعد نيفاشا عائداً إلى الخرطوم التى خرج منها خائفاً يترقب تطارده لعنات وهلوسات تبعات دماء الشهيدين الإسلاميين (بلل حامد) و(الأقرع) المتهم بقتلهما فى الجامعة لحساب الحزب الشيوعى بعد سنين، وكاد حبل المشنقة يلتف حول عنقه بعد أن قام عدد مقدر من المجاهدين بتحريك ملف الاتهام هذا، وتبرع عدد كبير من المحامين البارزين لتمثيل هيئة الدفاع فى القضية، شرعت الهيئة فى رفع الحصانة بصفة أنه كان عضو برلمان معين وليس منتخباً دخل فى اطارة شراكة نيفاشا ممثلاً للحركة، ولولا الحسابات السياسية الخاطئة لأحد كبار الدولة حول المسألة لكان الأمر الآن غير هذا الذى ترونه !!ولما انفصل الجنوب بإرادة أهله وهو لا يمكن عودته مرة أخرى إلى حضن الدولة الأمة كما يزعم بعض الغفلة بعواطف متعجلة إلا إذا أجرت الدولة استفتاءً آخر حول عودة الجنوب، وأن يكون هذه المرة لمواطنى شمال السودان السياسى، لأن جنوب السودان اليوم بعد الانفصال فى حالة لا  دولة ومجتمع متمزق تهتكت كل روابطه وتلاشت ..لهذا وجد أبناء قرنق ــ وقد هلك أبوهم ــ أنفسهم لا شيء أمام سطوة سلفا كير فتفرقوا أيدى سبأ، لكن عرمان كعادته الموغلة فى الانتهازية فكر وقدر ثم فطن، فهداه شيطانه إلى ملف جبال النوبة الذى داسه سلفا كير تحت اقدامه بعد الانفصال، وقال لمن سموا أنفسهم المناضلين من أبناء النوبة فى صف الحركة الشعبية كلاماً صادماً: (جيتونا فى النفير والنفير انتهى )... نعم نفير القتال ضد الشمال انتهى بانفصال جنوب السودان، فاصابت أبناء النوبة الصدمة، وأدركوا الحقيقة المرة بأن قتالهم كان مجرد مساعدة للجنوبيين فى نفير قتالهم ضد الشمال، وراحت مشروعات الأحلام كسراب يتباعد كلما اقترب منه ناظروه. لكن ياسر عرمان التقط القفاز مستغلاً هول الصدمة عند النوبة، وأعلن مواصلة ما سماه النضال ضد المركز، وأن مشروع السودان الجديد يتجاوز البعد الجغرافى والحدود، فمن أجل استمرار مصالحه استمال بعضهم وخدعهم، وأعلن استمرار الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال (قطاع الشمال)، وبسرعة حشد عدداً كبيراً من الشيوعيين فى الأمانة العامة أمثال وليد حامد وآخرين، وحين جاء إلى جبال النوبة حشد الأميين وضعاف الناس لأحكام السيطرة عليهم فى المستقبل، لأنه كان يدري أنه متطفل على قضايا النيل الأزرق وجنوب كردفان، وبعد ذلك امتدت طموح لوثته إلى دارفور كنوع من الالتفاف ومضيعة الوقت فى مسارات التفاوض، وللأسف الشديد تمادت معه الحكومة فى مفاوضات عبثية أكدنا من أول يوم لإعلانها فى جولته الأولى، وكتبت عنها أنا شخصيا عشرات المرات، أنها لا تحقق سلاماً وتسوية سياسية فى المنطقتين، لأن عرمان ليس من أهدافه السلام وإيقاف الحرب فى المنطقتين، لأن ذلك يوقف مصالحه الشخصية ومصالح حزبه الشيوعى على الأقل فى الإطار المعنوى، لأن المجموعة الشيوعية فى الحركة الشعبية ركبت هى الأخرى ظهر الحركة الشعبية من أجل الوصول إلى أهداف عجز عن تحقيقها حزبها العاجز الميت، ورضى أبناء النوبة أو قل غالبيتهم فى الحركة على غفلة بقيادة عرمان فأوردهم موارد الهلاك، فبينما ظلوا هم ولسنوات عديدة فى الكهوف والمنافي وجحور الجبال والمغارات يقاتلون ولا يقتلون فى الغالب إلا أهلهم، وقد حدث ذلك عشرات المرات فى كادقلى والدلنج ومناطق المورو وغيرها، بينما ظل الانتهازي عرمان يتقلب فى نعم عظيمة في أرقى الفنادق العالمية هو وأسرته، وجمع أموالاً طائلة من التفويض في العلاقات الخارجية الذى جعله لنفسه حتى بنى أسطول طيران عبر شركة طيران شخصية... واليوم بعد صولات وجولات ينقلب بعض أبناء النوبة على ياسر عرمان ويسحبون منه ثقة  القيادة عبر ما سمى مجلس تحرير إقليم جبال النوبة.. وسوف ننظر ونشير إلى حقائق مهمة ولأول مرة حول سر هذا الانقلاب وأسباب هذا الانقلاب وكيف بدأ الانقلاب ودور الحلو فى ذلك؟ وما هي أسباب الخلاف بين عبد العزيز الحلو وياسر عرمان؟ ومستقبل قطاع الشمال تحت قيادة الحلو؟ ولماذا استقال الحلو؟ ولماذا تمسك مجلس التحرير بالحلو وطرد عرمان؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق