الثلاثاء، 20 فبراير 2018

إعادة تحقيق عاجلة!

لو أن محكمة الجنايات الدولية –على علّاتها– ما زالت تتمتع بقدر من الاحترام لنفسها و تتطلع لكي تصيبح بالفعل منشأة عدلية دولية مرموقة ومحترمة فان الفرصة مواتية أمامها الآن لاعادة فتح تحقيق بشأن جرائم اقليم دارفور السوداني والذي أسندت فيه تحقيقاتها السابقة هذه الجرائم المزعومة الى بعض المسئولين السودانيين!
ففي هذا اللحظات بدأت الصحف واجهزة الاعلام الدولية المرموقة تفتح ملفات تتعلق بممارسات منظمات العمل الطوعي المدني، بعدما تفجرت قضية منظمة (اوكسفام) مؤخراً وأزكمت الانوف وأدهشت المراقبين جراء الجرائم الخطيرة والمخالفات الصاعقة التى تورط فيها بعض منسوبي هذه المنظمة.
أجهزة الاعلام العالمية وجدت نفسها إزاء جرائم مشينة ترتكب فى معسكرات النازحين واللاجئين  -حتى وهم تحت حماية هذه المنظمات- مثل الاستغلال الجنسي والتحرش والاغراء بالمال!
والاكثر مدعاة للأسى والاسف ان هذه الجرائم ارتكبت بمنهجية بما يشبه السلوك المنظم على مدى سنوات طويلة ولم تجرؤ إدارة هذه المنظمات المدنية -لسبب او آخر- على اجراء تحقيق او توجيه اتهام او حتى الابلاغ عن الجناة! فلا هي قامت بمحاسبتهم إدارياً على الاقل كونهم يسيئون للمهمة الانسانية برمتها و يفسدون الهدف بكامله بتحولهم هم أنفسهم إلى وحوش بدلاً من ان يوفروا الحماية المزعومة؛ ولا هي ابلغت عنهم لكي تتم مقاضاتهم، وكلنا نعرف مدى حساسية القوانين الدولية والوطنية في العالم كله حيال هذا النوع من الجرائم، خاصة اذا كان كان الجاني في موقع الأمين على الضحية!
هذه التحقيقات المتصاعدة  التى تولت بعضها صحيفة (التايمز البريطانية) وفتحت ملفاتها ايضاً قناة الـ (CNN) الامريكية وفرت مادة جيدة لمكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية –إن كان يرغب حقيقة في الوصول إلى الحقيقة– لكي يضع يده على الجناة الحقيقيين الذين ارتبكوا جرائم قذرة في اقليم دارفور وحولوا بوصلة الاتهام –بمهارة فاقة– إلى السلطات السودانية!
 إن من الصعب على من يستمع لمسئول دولي مرموق مثل (أندرو مالكلويد) وهو يقول ان احصاءات المنظمة الدولية أحصت 60 ألف حالة استغلال جنسي وانتهاك عرض ارتكبتها هذه المنظمات، من الصعب؛ على من يستمع إلى هذه الحقيقة المفجعة ان يصدق ان مسئولين سودانيين ارتكبوا جرائم حرب في دارفور! فالجاني الحقيقي هنا لا يحتاج إلى عناء كبير ولا يمكن لعاقل أن يصدق بحال من الاحوال ان المنظمات ترتكب هذه القدر من الجرائم لهذه الدرجة ويرتكب إلى جانبها مسئولين سودانيين جرائم وانتهاكات!
ففي مثل هذه الحالة يصبح العدد غير قابل للتصديق! مع العلم ان ما كشف عنه المستر (ماكلويد) هو في حدود ما أمكنهم ضبطه! ومع العلم ان هذه الجرائم لم يعاقب مرتكبيها، ومع العلم أيضاً -مع الاسف- ان ذات هؤلاء الجناة من هذه المنظمات من الذين أدلوا بشهاداتهم للمحقق التابع لمحكمة الجنايات الدولية وكانوا في غاية السرور والطمأنينة كونهم ينسبون جرائمهم -بقلب ثابت وجنان مطمئن- إلى الحكومة في الخرطوم!
فمن كان وقتها يصدق ان هؤلاء (الابرياء) القادمين من أجل الاغاثة والعمل الانساني النيبل هم في حقيقتهم الجناة؟ كان الكل يصدقهم حينما ينسبون جرائمهم إلى الحكومة السودانية؛ فهل تصلح تحقيقات المدعي العام السابق لويس مورينو اوكامبو تلك في ظل ظهور هذه الادلة  الساطعة؟ وهل تجرؤ المحققة الحالية (فاتو بنسودا) –وقد جاءتها سانحة تاريخية نادرة– على إعادة فتح الملف وتبرئة المسئولين السودانيين؟ أم تكفي ما أفصحت عنه الصحف العالمية والقنوات الغربية من صكوك براءة ذهبية لامعة للمسئولين السودانيين في عالم لا يحترم الحقيقة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق