الخميس، 15 فبراير 2018

الحركة الشعبية قطاع الشمال.. ذات المياه الآسنة فى إناء جديد!

بدا واضحاً من واقع انفضاض جولة التفاوض التى جرت بين الحكومة السودانية و الحركة الشعبية قطاع الشمال مؤخراً بالعاصمة الاثيوبية أديس ابابا ان الحركة الشعبية قطاع الشمال ما تزال تتمسك بالتكتيك بديلاً عن الاستراتيجية .
ويبدو ذلك واضحاً من اصرارها –بذات السلوك القديم– على تعقيد
ملف المساعدات الانسانية والقضايا الحقوقية باعتبارها من الملفات المعتادة الجاذبة للمجتمع الدولي! ذات التكتيك الذي مارسه رئيس وفدها السابق عرمان، تحاشى الدخول الى صلب القضايا وفي الوقت نفسه عرقلة و تعقيد قضايا المساعدات الانسانية وحقوق الانسان، لماذا؟ لكي تحدث اشكالات انسانية فى المناطق المتأثرة بالنزاع ويعود الملف الى طاولة المجتمع الدولي بقوة!
هذا التكتيك فى ظل المتغيرات و التطورات الاخيرة التى يشهدها السودان لم يعد صالحاً كما كان في السابق. وذلك لعدة اعتبارات لا يمكن اغفالها قط:
 أولاً، المجتمع الدولي شديدة الاستياء من ما أفرزه حكم الحركة الشعبية الام فى دولة الجنوب .واقع مزري و مؤلم يشعر المجتمع الدولي بأنه اسهم فى تكريسه لجهله وعدم معرفته اللصيقة بطبيعة قادة الحركة الشعبية و نزعتهم نحو السلطة و الثروة و عدم اكتراثهم بالقضية الانسانية قط!
الحركة الشعبية قطاع الشمال لم ترتقي الى مستوى إدراكها لهذا المستوى فالمجتمع الدولي ادرك ان قادة الحركة ليسوا مهتمين قط بجانب المواطنين وحقوقهم الانسانية بدليل انهم الان في دولة جنوب السودان يتعاركون دون أدنى اعتبار لمواطنيهم ومعاشهم و حياتهم! كيف اذن للحركة الشعبية قطاع الشالمل هي ابنة شرعية للحركة الام الحاكمة في جنوب السودان امتلاك حس انساني للدرجة التى تجادل فيها بشأن هذه المساعدات وتوصل التفاوض الى طريق مسدود؟
ثانياً، الحركة الشعبية قطاع الشمال فى وضعها الراهن و علاوة على الانشقاق الجذري الذي ضربها فان قوتها العسكرية على الارض تآكلت و تراجعت الى حد كبير. صحيح ان الحركة اعلنت عن وقف اطلاق النار واوقفت بالفعل عملياتها العسكرية منذ اشهر.
 لكن الصحيح ايضاً ان هذا الوقف أملته ظروف خاصة براهنها العسكري جراء عملية الانشقاق من جهة وجراء توقف الدعم القوي سواء من جوبا او من خارج الاقليم. و ليس سراً في هذا الصدد ان الولايات المتحدة اوقفت توريد السلاح الى جوبا نفسها لما لمسته من عدم جدية من قبل قادة الحركة هناك لوضع حد للاقتتال الدامي الجاري منذ اكثر من 5 سنوات هنا بلا طائل!
فاذا كانت واشنطن حريصة على تجريد الحركة الام من السلاح والذخيرة، فكيف بها للحركة الابنة، التى تحمل ذات جينات الحركة الام؟ أغلب الظن قادة الحركة الشعبية قطاع الشمال يقفون فى برزخ مظلم، فلا هم قادرين على مواصلة القتال كما كانوا في السابق حينما كانوا يقصفون كادوقلي و ما جاورها بصواريخ الكاتيوشا و القرنوف و يشنون الهجمات تلو الهجمات؛ ولا هم قادرين على التفاوض!
ثالثاً، حتى ولو تم تجاوز قضية المساعدات الانسانية وملف حقوق الانسان وغيره من الملفات فان الحركة الشعبية قطاع الشمال لا تمتلك فى واقع الامر قضايا حيوية ذات طابع استراتيجي بامكانها ان تطرحها للتفاوض الجاد، ذلك ان اتفاقية نيفاشا 2005 سبق و ان أجابت على اسئلة عديدة و قتلتها بحثاً، إذ ان الخصوصية المعروفة لمناطق جبال النوبة وجنوب النيل الازرق غير منكورة ولكن لا مجال قط -استناداً لهذه الخصوصية- لمنح هذه المناطق حق تقرير مصير، اقصى ما هناك هو معالجة قضاياها على المدى الطويل.
وهكذا فان تعقيد التفاوض واستخدام تكتيك التأجيل و الانفضاض بدا أنه خط الدفاع الوحيد المتبقي فى جعبة الحركة الى ان تحدث معجزة من المعجزات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق