الخميس، 9 يونيو 2016

أدلة كافية في دارفور لإعلان انتهاء الأزمة!

ألا تكفي هذه الحيثيات السياسية المشفوعة بأدلة مادية على الأرض في إقليم دارفور على وجه الخصوص للإعلان رسمياً، أن الصراع المسلح في دارفور قد انتهى؟
 أولاً، انتهت العمليات العسكرية بين الأطراف المتحاربة. آخر معركة كانت في جبل مرة ومنطقة (سرونق) نجحت خلالها القوات الحكومية في طرد الحركات المسلحة من تخوم الجبل وسفوحه. وهي عملية خلّفت استقراراً وراحة نفسيه بالغة لمواطني تلك المناطق الذين عانوا الأمّرين من ممارسات حركة عبد الواحد محمد نور التي كانت تجبرهم إجباراً على دفع مبالغ مالية وزراعة الأرض لصالح جيش الحركة ومضايقتهم في ممارسة طقوسهم الدينية.
 إنتهاء العمليات العسكرية بمفهومه الفنّي دليل مادي ساطع على عدم الحاجة لا إلى قرار حظر استخدام السلاح ولا لقوات حفظ سلام ومهما كانت رؤية بعض القوى الدولية ومصالحها الخاصة، فإن إقليم دارفور لم يعد مسرح صراع عسكري يستحق صدور قرارات دولية ونشر قوات حفظ سلام ومنظمات إنسانية.
 لو أن المجتمع الدولي تحلّى ببعض الواقعية لأصدار قرار بسحب قوات حفظ السلام (البعثة المشتركة) المعروفة اختصاراً باليوناميد لأن متطلبات وجود هذه القوات قد انقضت وأولى بها مناطق أخرى في العالم، وبالطبع لن تستطيع هذه القوى الدولية أن تغيّر ميزان القوة في دارفور لكي تجعل المعادلة متساوية بين الحكومة والحركات المسلحة. لقد فات الأوان على ذلك.
ثانياً، اتفاقية الدوحة للسلام الموقعة من قبل حوالي الـ(4) سنوات تم الوفاء ببنودها. وهذا أمر يحسب لصالح الحكومة فقد أوفت بتعهداتها المنصوص عليها في الاتفاقية ومن ثم فإن جهود المجتمع الدولي وفي مقدمتهم الأمم المتحدة ينبغي أن تنصب باتجاه دفع حملة السلاح للالتحاق باتفاقية الدوحة فعلى الأقل بإمكانهم الآن الحصول على عمليات دمج وتسريح لما تبقى من قواتهم في ظل متغيرات قد تعصف حتى بوجودهم الرمزي الحالي. كما أن التحاق هؤلاء المتمردين في هذه المرحلة باتفاقية الدوحة يقلّل تكلفة المجتمع الدولي في دارفور.
 ثالثاً، ليس من مصلحة السلم والأمن الدوليين أن تظل الحركات المسلحة الرافضة للتفاوض البقاء هكذا متنقلة بين دول الجوار، فهي بمثابة حاضنة للحركات الإرهابية كما أن لهثها وراء المال وسبل العيش وأسباب البقاء ربما يدفعها لإمتهان مهنة خوض الحروب بمقابل مالي في المنطقة وخارج المنطقة بما قد يتسّبب مستقبلاً في تفريخ حركات متطرفة يدفع العالم ثمناً باهظاً لملاحقتها. وليس بعيداً عن ذلك أنشطة هذه الحركات المسلحة في دولة الجنوب وفي ليبيا لا يعرف غداً إلي أين تتوجّه!
 رابعاً، مهما كانت المصالح ودرجة أهميتها فإن حقائق الواقع تقتضي أن يقر المجتمع الدولي بسقوط تجربة العمل المسلح في السودان وأن هذه الحركات قد تلقّت هزيمة ساحقة، وأن عليها أن تتعايش مع واقع هذه الهزيمة. وليس هذا الأمر لصالح ترسيخ استقرار وسيطرة السلطة الحاكمة ولكن دون شك لكي تنتهي هذه الأنشطة المسلحة في المنطقة بأسرها ويدرك كل حامل سلاح أن حمل السلاح لا جدوى منه خاصة وأن المجتمع الدولي يعاني الآن معاناة واضحة مما يجري في دولة جنوب السودان.
لقد آن الأوان -وكما فعل الإتحاد الإفريقي بشأن الانقلابات العسكرية ولم يعد يعترف بها- أن يتم حظر أنشطة الحركات المسلحة وعدم الاعتراف بها لكونها أصبحت تهدّد الأمن والسلم الإفريقي وتكبّد القارة والعالم أموالاً طائلة بغير جدوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق