الخميس، 2 يونيو 2016

الأيام أثبتت صحة موقف السودان من قوات الأمم المتحدة!

مع إحتدام المواجهة بين السودان والأمم المتحدة في العام 2006 إثر صدور القرار الدولي (1706) في ذلك الحين والقاضي بتحويل القوات التابعة للاتحاد الإفريقي المنتشرة في دارفور إلى قوات أممية، إن السودان كان شديد الإصرار على أن تظل
مهمة حفظ السلام في الإقليم مهمة تقوم بها قوات الاتحاد الإفريقي وكان واضحاً أن منطق الخرطوم قوياً جدا بحيث أفضى في خاتمة المطاف إلى (تطعيم) القوات الإفريقية ذات القبعات الخضر بقوات دولية أطلق عليها البعثة الأممية الأفريقية المشتركة وعرفت اصطلاحاً باليوناميد وذلك بموجب قرار دولي صدر لاحقاً نزولاً عند رأي الخرطوم بالرقم 1769 حوى تفويضاً لهذه البعثة المشتركة ونطاق عملها وطبيعة وجودها ومهامها وكيفية تنسيقها مع الحكومة السودانية.
 الأمر الجدير بالإنتباه هنا في هذا المنحى أن مطالبة الحكومة السودانية بترك مهمة حفظ السلام لقوات الاتحاد الإفريقي لم يكن نابعاً من مزاج أو مجرد رغبة سياسية عابرة، كان واضحاً أن السودان يدرك أن القوات الافريقية قريبة جداً من فهم وإدراك البيئة الافريقية كما أنها سوف تحرص على احترام السيادة الوطنية كنتاج طبيعي لما عانته دول القارة من الاستعمار الأوروبي، إضافة إلى كل ذلك سهولة التفاهم وسهولة التوصل إلى نتائج واقعية متفق عليها بين السودان ومجلس السلم والأمن الأفريقي، هذا بالطبع بالإضافة إلى أن السودان كان وقتها وما يزال يراهن على أن تظل النزاعات الافريقية داخل البيت الإفريقي وان يتم حلها بآليات افريقية بعيدة عن الغرض والمصالح المستترة المسمومة!
 الآن بدأ يثبت فعلياً صحة المنطق الذي لا ينكره إلا مكابر انه كان بحق منطقاً سديداً ولا شك أن واحدة من دلائل صحة المنطق السوداني أن بعض الدول المشاركة في البعثة المشتركة (اليوناميد) في إقليم دارفور بدأت تسحب قواتها من البعثة المشتركة قناعة منها بأن الإقليم لم يعد بحاجة إلى هذه القوات. وكما هو معروف فإن دولة جنوب أفريقيا سحبت قواتها لهذا السبب ثم تلها (بوركينا فاسو) أيضاً لذات السبب، استتباب الأمن وعودة الأوضاع إلى طبيعتها.
سحب هاتين الدولتين لقواتها من البعثة المشتركة فيه دلالة على أن هذه الدول تتعامل بقدر واضح من الموضوعية والواقعية، وهو ما يمكن اعتباره مفقوداً في جانب القوات الأممية بما يؤكد أن السودان ظل وما يزال ينتهج نهجاً استراتيجياً في إدارة أزماته بإشراك محيطه الإفريقي في هذه ألازمات باعتباره المحيط الأدرى بطبيعة أزمات المنطقة، وليس بعيداً عن ذلك أن السودان في إدارته لأزمته مع المحكمة الجنائية الدولية، نجح نجاح منقطع النظير في جعل دول القارة تتبنى موقفاً موحداً مناهضاً للمحكمة بعد ما لفت السودان -بذكاء- نظر دول القارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية لا تفعل أكثر من أن تلاحق القادة الأفارقة وحدهم دون سواهم!
الآن ثبت بالدليل القاطع أن السودان حين كان يجابه المنظمة الدولية رافضاً مجيئها إلى دارفور كان محقاً تماماً، فقد تكبدت القوات الأممية مشاقاً لا قبل لها بها، ولجأت لطلب حماية الحكومة السودانية لها، ثم كبدت المجتمع الدولي -حتى الآن- ما يجاوز الـ13 مليار دولار، راحت هباءً لأنها عملياً لم تغير من الواقع الأمني والإنساني للإقليم أكثر من ما أنجزته الحكومة السودانية بمفردها، كما أن قوات الاتحاد الإفريقي التى بدأت بالانسحاب لاستقرار الأوضاع وقفت على النقيض منها القوات الأممية رافضة حتى مجرد مناقشة وضع خطة للخروج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق