الأحد، 22 فبراير 2015

واشنطن والخرطوم.. طبيعة الخطوة القادمة

بقلم : العبيد أحمد مروح
•    جاء في أخبار صحف الأمس، إن السيد رئيس الجمهورية وجه لدى لقائه مساعده ونائبه لشؤون الحزب البروفيسور إبراهيم غندور بالاستمرار في الحوار مع الولايات المتحدة للوصول إلى تفاهمات مشتركة، بما يحفظ مصلحة السودان ورغبته في علاقات طبيعية مع كل العالم، مبنية على التفاهم المشترك والاحترام المتبادل، وأن مساعد الرئيس الذي أجرى مباحثات مع مسؤولين في واشنطن ونيويورك مؤخراً، قال عقب اللقاء إن "هناك رغبة مشتركة للدفع بالعلاقات إلى آفاق جديدة" مضيفاً : "اتفقنا على الاستمرار في الحوار المشتركة مع الجانب الأمريكي والذي ربما يستأنف قريباً سواء في الخرطوم أو واشنطن".
•    ولقد سبق وتحدينا، من خلال هذه الزاوية حين كانت تنشرها صحيفة "الرأي العام" عن الحاجة إلى إجراء حوار عميق مع الإدارة الأمريكية، على نسق الحوار الذي يجري بين طهران وواشنطن، وذلك من بعد التذكير بأن الدبلوماسية بطبيعتها هي بحث عن خطوط اتصال لحلحلة عقد العلاقات المتوترة هنا أو هناك، وتعزيز المصالح.
•    وتأسيساً على ذلك، قلنا إن المصالح الأمريكية ليست بالضرورة متناقضة مع المصالح السودانية، إذ بالقدر الذي توجد فيه قضايا خلاف بين الخرطوم وواشنطن، هنالك ايضاً قضايا اتفاق، ولكن يبقى التحدي أمام العمل السياسي والدبلوماسي بين العاصمتين. متمثلاً في الحاجة إلى توفر الحد المعقول من الإرادة السياسية لبحث قضايا الخلاف هذه.
•    وحتى لا يضبطني صديقي عادل الباز متلبساً بادعاء تهمة تقديم النصح للمسؤولين، فإنني أود أن أؤكد هنا أن ما تم من تحريك لهذا الملف لم يكن بالقطع استجابة لتلك النصائح بل الراجح أنه نتيجة لقناعة راسخة لدى مسؤولينا بأهمية الحوار وبناء علاقات طبيعية مع جميع دول العالم. ولعل هذا ما أكده توجيه السيد الرئيس المشار إليه أعلاه، ولعل من نافلة القول التذكير بأن ما صرح به مساعد الرئيس هو فقط ما سمحت به طبيعة المرحلة، ذلك أن تعقيدات العلاقات الدولية، تجعل القائمين بالاتصال فيها من الدبلوماسيين والمبعوثين يبدون في كثير من الأحيان وهم يقولون للإعلام كلاماً عاماً، ويبقون على الموضوعات التي لم تنضج قيد البحث والتشاور اللاحق، بعيداً عن الإعلام، خاصة تلك التي يمكن أن يؤدي مجرد الكشف عنها إلى إحداث ضرر جسيم بمساعي ترتيبها أو تسويتها.
•    صحيح أنه حتى والعلاقات السودانية الأمريكية تشهد توتراتها المعروفة، ظل الحوار بين الخرطوم وواشنطن قائماً، تارة في الملفات المتصلة بالإرهاب وتارة في الملفات السياسية، وذلك عبر مبعوثين يختارهم البيت الأبيض للقيام بهذه المهمة، لكن حتى هذا النوع من الحوار توقف منذ ما يزيد عن العام، عندما رفضت الخرطوم منح تأشيرة دخول للمبعوث الأمريكي الخاص للسودان، رداً على امتناع واشنطن منح تأشيرة دخول للرئيس البشير لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها رقم "68" الأمر الذي زاد من توتر العلاقات المتوترة أصلاً، ولا شك أنه بسبب انقطاع الحوار أضحت قائمة الملفات التي يتعين بحثها وتسويتها بين الطرفين طويلة، وبطبيعة الحال فإنه حتى إذا انخرط الطرفان في الحوار اليوم قبل الغد، وتوصلا لتسويات مرضية، فإن إعادة العلاقات إلى طبيعتها ورفع العقوبات الأحادية عن السودان أمر يستغرق وقتاً ويتطلب اتخاذ إجراءات وسن تشريعات على الجانب الأمريكي، وهو أمر يتأثر إيقاعه بأجندة البيت الأبيض لما بقى من دورة الرئيس أوباما الرئاسية، ومع هذا فلا بد للحوار من خطوة يبدأ بها، ومن الطبيعي أن تكون الخطوة القادمة هي خطوة إجرائية تتصل بإعداد ملفات وأجندة الحوار الأمر الذي يتطلب السماح للمبعوث الرئاسي الأمريكي بالحضور للسودان للشروع في الإعداد لهذه الخطوة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق