الخميس، 19 فبراير 2015

الفرص الاقتصادية بين السودان وأميركا

بدأت العلاقات الأميركية السودانية تشق طريقها بخطى لا بأس بها نحو الحوار المباشر، بعد القطيعة التي استمرت لأكثر من عقدين من الزمان، حيث تحولت وجهة الاقتصاد إلى دول الجنوب والتاريخ يذكرنا أن العلاقات الاقتصادية السودانية علاقات عريقة وصلت إلى ذروتها في سبعينيات القرن الماضية، حيث بدأت الاستثمارات الأميركية الضخمة تتدفق إلى السودان وبلغت وقتها 1.8 مليار دولار صرفتها شيفرون الأميركية في استكشافات النفط السوداني، وكانت وقتها تثمل البداية الفعلية لاستكشاف النفط في السودان، إلا أن اندلاع الحرب الأهلية في الجنوب عطلت مشروع النفط السوداني، إلا ان العلاقات الاقتصادية من وقتها لم تمض إلى الأمام بفعل القضايا السياسية وخرجت الشركات الأميركية من السودان.
الولايات المتحدة الأميركية تعتبر أكبر قوة اقتصادية في العالم ولا يمكن الاستهانة بها، ونحن في السودان بغض النظر عن الحصار الاقتصادي الناتج عن ردة فعل سياسي متبادلة، ولكن ظل الفراغ في العلاقات الاقتصادية يباعد الشقة بين الطرفين، الآن الحكومة عزمت على إصلاح ما انكسر من علاقات مع الجانب الأميركي.
منذ أكثر من عامين كنت قد تحدثت إلى محافظ بنك السودان المركزي وقتها الدكتور صابر محمد الحسن، وقلت له ما الذي يمنع القطاع الخاص السوداني والأميركي أن يدخلا في شراكات اقتصادية تحقق مصالح الشعبين، بعيداً عن حزب المؤتمر الوطني والإدارة الأميركية، اجعلوا من قيام المصالح للشركات الخاصة سلماً لتحسين علاقاتكم السياسية مما يحقق المنافع للشعب السوداني الذي تأذى كثيراً من الحصار الأميركي الذي حرمه من التقنيات الإلكترونية والاقتصادية والأكاديمية وغيرها، بسبب الحصار الاقتصادي.
إن السودان مؤهل من حيث الموارد الطبيعية لإقامة مصالح اقتصادية مشتركة، وبدأ الامر منذ عامين ونيف بدخول شركات اميركية للعمل في القطاع الزراعي او فتح باب للتعاملات بين شركات وبنك سوداني مع الجانب الاميركي، خاصة وأن الزراعة هي البترول الحقيقي للسودان، والظروف العالمية متاحة لنهضة هذا القطاع من خلال الطلب المتزايد للغذاء عالمياً، وانتاج الوقود الحيوي، الامر الذي يمكن ان يوفر فرصاً استثمارية كبيرة للقطاع الخاص الاميركي من خلال حصوله على استثناءات من مكتب المقاطعة الاميركي، وقتها كان من الممكن للسودان ان يستفيد من التقنيات الزراعية المتطورة التي تتمتع بها الولايات المتحدة الاميركية في مجال زراعة القمح، وتقنيات الهندسة الوراثية فضلاً عن الآليات الزراعية والمصانع المرتبط بالقطاع الزراعي.
إننا نحتاج إلى دراسة معمقة ورؤية واضحة لعلاقة اقتصادية مع أميركا تحقق مكاسب للشعب السوداني حتى لو كانت بعيدة كل البعد عن علاقات مباشرة مع الحكومة. الشعب السوداني الآن في حاجة لفرص عمل في مختلف المجالات، ويمكن أن يحققها دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فالزراعة والتصنيع الزراعي يحتاجان إلى رؤوس اموال وتقنيات لا يمتلكها الشعب السوداني، خاصة وان 70% من الشعب يعمل او يقطن في المناطق الزراعية التي تعاني من نقص في الخدمات والتنمية بسبب ضعف العائد من القطاع الزراعي، للدرجة التي دفعت الكثيرين للهروب من القطاعات الزراعية والرعوية في ظل الواقع الاقتصادي الحالي الذي زادت فيه معاناة الفقراء والمساكين من الشعب السوداني الذين لا حول ولا قوة لهم بالعمل السياسي، وذلك نتيجة الحصار الاقتصادي الذي وقع على أكتاف المواطنين بشكل مباشر. آن الوقت لإعادة النظر لتعويض المواطن السوداني من خلال إقامة علاقات اقتصادية لا تستثني أي دولة من دول العالم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق