الاثنين، 7 أغسطس 2017

أمريكا.. إعادة الارتباط مع السودان

تقرير موضوعي، ونتائج مدروسة، خرجت بها (مجموعة العمل الخاصة بالسودان) تحت عنوان (استرتيجية إعادة الارتباط بالسودان) والمجموعة التي أعدت التقرير، هي نخبة ممن عمل في السودان من السفراء،
والمبعوثين الخاصين، ومن تولى ملفات السودان في الخارجية الأمريكية عبر سنوات القطيعة خلال نحو ثلاثة عقود من السنوات، قامت هذه المجموعة بعدة زيارات ميدانية للسودان، للوقوف على الأحوال عن كثب، ولوضع التساؤلات للقياس والمقارنة الحقيقة، وليست المجازية، المتاثرة بالتحيز العاطفي، والتأثير الإعلامي
من جماعات تخصصت في استهداف السودان، حيث التقت المجموعة بعدد من المسؤولين بالحكومة، والمجلس الوطني، والجامعات، ومراكز البحوث، ومنظمات المجتمع المدني, والأحزاب، ومجموعات المعارضة، والطلاب، وأدارت معهم نقاشاً مفتوحاً حول مجمل الأوضاع في السودان، ومتعلقات ذلك بالجانب الأمريكي، بما
يشبه الاسبيانات، والاستقصاءات العلمية المكملة للبحوث والدراسات العليا.
ووصلت المجموعة إلى خلاصات موضوعية، وتوصيات إيجابية، ضمنتها في ثنايا التقرير الذي سيترك أثره بلا شك في مقبل أيام العلاقات السودانية الأمريكية، باعتبار أن القرار الأمريكي في هذا الشأن، يخضع للدراسة والتقارير، مع اعتبارات أخرى (مصالح الشركات, وعمل مجموعات الضغط، والنفس الصهيوني).
تم تقديم التقرير في حلقة مفتوحة، أمتها ثلة من الدبلوماسيين، والخبراء، والناشطين، والمهتمين بالشأن السوداني، من دوائر رسمية وغير رسمية، من الداعمين للتقارب والمناوئين له على حد سواء (وزارة الخارجية، الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، الكونغرس بلجانه في الشيوخ والنواب، مراكز أبحاث، ومنظمات ناشطة
في الملف السوداني، معهد السلام الأمريكي، مركز الوقف الوطني للديمقراطية، معهد ودرووسلون، مؤسسات إعلامية) هذا الحشد من جميع الأطراف، أحاط بالتقرير من كل جوانبه وخلص إلى الآتي :-
* فشل جميع وسائل العزل، الذي مارسته أمريكا تجاه السودان خلال هذه السنوات، ولم يصل إلى نتائج تذكر، مما كان مقدراً وهو(سقوط نظام الحكم) وعليه يجب إعادة النظر، والانفتاح، والتواصل مع الحكومة السودانية.
* قضايا المسارات الخمسة المضمنة في اشتراطات رفع العقوبات، هي تكتيكية بغرض فتح مسارت الحوار مع الحكومة السودانية.
* التأكيد على أزمة الثقة القائمة بين الحكومة السودانية وأمريكا، حيث لم تعد الحكومة السودانية تثق في أي تعهد أمريكي، نظراً للتجارب الكثيرة التي أكدت هذا الظن.
-1-
وعلى أمريكا العمل على استعادة هذه الثقة المفقودة، من خلال إعادة الارتباط مع السودان من جديد.
* تبني سياسات الانفتاح على السودان يسهل على الطرفين التوصل إلى حلول لكل القضايا المشتركة العالقة بينهم، وبالطبع التواصل أفضل من العزل.
* لمس التقرير مستوى (الإحباط) عند فئات الشباب الذين تم التواصل والنقاش معهم، وهم يُحمِّلون أمريكا كل تبعات المعاناة، والعزل الطويل، غير المبرر، وتأثيراته السالبة على مجمل الحياة في السودان، وتبدل توجهات الشباب إلى الصين وماليزيا والخليج بعيداً عن أمريكا، التي ستخسر الشباب (مستقبل السودان)،
إذا استمرت في التعنت.
* بعض الملفات المطروحة للنقاش، يمكن حسمها في حالة التواصل والانفتاح، بينما تزيد تعقيداً في استمرار العزل والحصار، حتى ولو لم تتفق مجموعة الاتصال مع مجمل سياسات الحكومة السودانية.
* التأكيد المغلظ، بأن قطاع الشمال (ياسر عرمان بالاسم) هم الذين يتحملون وزر كل ما يجري في كاودا، وجنوب النيل الأزرق، ومعاناة المواطنين، ونقص الغذاء، ومنع تحصين الأطفال، وغياب خدمات الصحة، والتعليم، والالتحاق بالمجموع الوطني من بقية الشعب، كل هذا دون مبرر منطقي يسوق هذا التعنت، الذي
وصل إلى عدم الاستجابة لنداء (السلام والحوار الوطني) الذي استفادت منه أحزاب معارضة، وحركات مسلحة، وصلت إلى قناعة أن العمل المسلح، والمعارضة العنيفة، لن تجد في ظل حكومة (المؤتمر الوطني) التي وصفها التقرير بأنها (قوية) وقادرة على إدارة الأزمات.
* أكدت المجموعة، بأن أمريكا خسرت زمناً ثميناً في تعليقها الوصل مع السودان، الذي ذهب بعيداً تجاه الصين، وهي تتمدد بنفوذها (الاقتصادي) في السودان، والعمق الأفريقي، مع تفويت فرص ممتازة للاستثمار في السوان، خاصة الزراعة، مع وفرة الأرض والماء (مشروع الجزيرة مثلاً).
* خلصت المجموعة، بأن علي أمريكا (تجاوز هذه المرحلة، وطي صفحاتها، وإعادة السفير الأمريكي إلى الخرطوم) لقيادة التواصل والتطبيع، واتباع سياسة التحفيز بمعالجات لملفات الديون وغيرها.
نعم، بهذا المقدار من التدقيق والموضوعية، وصلت (مجموعة العمل) إلى أن كل الحصار والحرب (المعلنة والمستترة) التي قادتتها أمريكا على السودان، طوال ثلاثين عاماً، لم تحقق أهدافها، وهي إقصاء الحكومة السودانية، وإسقاط (المشروع الإسلامي للحكم) وأن (كل القوى) التي راهنت عليها أمريكا في قيادة هذا
التغيير (مسلحة وغير مسلحة) قد فشلت تماماً في أداء الدور الموكول لها، وفوتت الفرص، وأهدرت الأمكانات، والأموال التي خصصت لهذه القضية.
وأنه قد آن الآوان، أن تقتنع أمريكا بأن الدار(السودان) لا يُمكن أن تسورها والدخول عنوة واقتداراً، ولذلك الأفضل الدخول من الباب.
-2-
وهكذا وصلت أمريكا إلى قناعة بأن معالجة أي ملف سوداني، أفضل أن تكون مع الحكومة السودانية مباشرة (وبالحسنى)، لأن سياسة لي الذراع، قد أوجعت أمريكا بقدر إيجاعها للسودان، وهي تعترف من خلال تقرير مجموعة العمل، أن آخرين قد سدوا الفراغ الذي تركته هي في السودان.
واقع جديد للعلاقات السودانية الأمريكية قد بدأ، وسياسة التواصل والانفتاح، عوضاً عن العزل والحصار, وهذا ما قررته (مجموعة العمل) في استراتيجية إعادة الارتباط بالسودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق