الثلاثاء، 26 مايو 2015

أمن الحدود!!

بقلمك يوسف عبد المنان
تطورات خطيرة تشهدها الحرب الآن في دولة الجنوب بعد الانتصارات التي حققتها المعارضة علي الحكومة عسكرياً وسياسياً والولوج لمنطقة إنتاج البترول الحدودية مع السودان، وهي منطقة تمثل شريان الحياة لحكومة "سلفاكير" التي تكاثرت  عليها الضربات الموجعة من داخل البيت بتمرد كبار  الضباط وعودة تحالف (النوير) و(الشلك) الذي كان له الأثر البالغ في إضعاف الحركة الشعبية أيام "قرنق"، انشقاق "د.مشار" و"تعبان دينق" زد. لام أكول، ما أدي لإضعاف الحركة، وتمكنت حكومة السودان الموحد حينذاك من استثمار  الصراع واستخراج البترول  الذي أجج الصراع  في السودان وأغري الجنوبيين لاحقاً لاختيار الانفصال بدلاً عن الوحدة، إلا أن ذلك الرهان قد خاب، وترددت الآمال واندلعت الحرب وصنفت الدولة الوليدة كدولة فاشلة غير قادرة علي كبح جماع شبق قادتها ورموزها في التطاحن  من أجل الحكم، لتصبح دولة الجنوب في مهب الريح.
إثر تداعي الصراع الجنوبي علي الأمن الحدودي للسودان، توجهت لجنة أمن جنوب كردفان التي تمتد حدودها مع الجنوب لأكثر من ألف كيلومتر  وهي  حدود مفتوحة تتداخل فيها المشكلات الأمنية من خلال التداخل الجغرافي والجيوسياسي.. توجهت إلي هناك.
وللتمرد في منطقة جنوب  كردفان علاقات وثيقة جداً بأطراف النزاع هنالك تاريخية ولحظية، وفي بداية التمرد وقفوا إلي صف أولاد "قرنق" الذين تمردوا علي رئيسهم "سلفاكير" لكنهم سرعان ما تخلوا عنهم ووقفوا إلي صف الحكومة طمعاً في ما في خزائنها الخاوية.
وانشغلت  حكومة "كير" بما في جنوب  كردفان أكثر  من تمرد  الجنوب ومدت  الحركة بما تحتاجه من سلاح وعتاد وتركت شعبها يتضور جوعاً..
وإزاء تلك التطورات  العسكرية المهمة فإن منطقة الحدود تمثل ثغرة كبيرة ينبغي سدها.. وبكل أسف حدود السودان مع دولة الجنوب يحرسها المواطنون بسلاحهم وليس القوات الحكومية.
خلال زيارة لجنة أمن جنوب كردفان للمناطق الحدودية تكشفت حقائق عديدة أولاها أن الحدود ثغرة  كبيرة يمكن أن تدور عمليات الجنوبيين داخل أراضينا مما يفرز سلبيات كبيرة..
ثانياً دخول المتأثرين بالحرب لوطنهم  القديم  لا يحتاج  إلي جواز سفر لحدود مفتوحة ولا وجود  للقوات النظامية.. ثالثاً أن الحركة الشعبية تستفيد من الاضطرابات الحدودية بالحصول علي السلاح مجاناً.. لذا وجود قوات علي الحدود الآن يمثل ضرورة قصوى حتي لا يؤتي السودان من ثغرة حرب الجنوب الحالية.
لقد بدأ تدفق اللاجئين الجنوبيين علي المناطق  الحدودية مرة أخري في ظروف قاهرة وصعبة جداً، وقد عاني شعب الجنوب طويلاً من تعدد الحروب واستدامتها  في بلد شقي كثيراً بإخفاقات قادته ورموزه الذين لم يرتقوا إلي مستوي المسؤولية الأخلاقية تجاه شعب تقاذفته الصراعات والأزمات، ولكنه لا يزال يتشبث بالأمل عسي ولعل أن تنفرج أزماته حتي لو أدي ذلك للعودة إلي الوطن الأم من خلال صيغة علاقة أخري غير الوحدة القديمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق