الثلاثاء، 6 يونيو 2017

غندور وشكري ..لقاء الملفات.الخرطوم والقاهرة والبحث عن مسارات صحيحة وبدايات جديدة

تقرير/ نفيسة محمد الحسن
وصلت العلاقات بين الخرطوم والقاهرة الى ضرورة وجود مقاربات جديدة فالبلدان المرتبطان بعلاقات تاريخية يحتاجان لتعزيز الثقة وإيجاد آلية تحفظ مصالحهما وتجعلهما في الوقت نفسه بحاجة الي هامش مناورة خصوصا في الملفات التكتيكية فيما يجب أن تظل الملفات الإستراتيجية بعيدة عن أي تجاذبات…. ويعول مراقبون علي الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية بروفيسور ابراهيم غندور للقاهرة والحراك الكثيف هناك لتفكيك عدد من ملفات التوتر بين البلدين.. خاصة ملفات حلايب وشلاتين ودعم مصر لمتمردي دارفور لوضع العلاقات بين البلدين علي مسارها الصحيح وتخفيف حدة المواجهة… وتعتبر الزيارة الحالية هي الأولى لوزير الخارجية البروفسير إبراهيم غندور لمصر عقب تشكيل حكومة الوفاق الوطني… تأتي أهميتها لكونها أتت في أعقاب الأحداث التي أثبتت تورط مصر في أحداث دارفور الأخيرة.. ودعمها للحركات بالأسلحة… واتهامات السودان لمصر بوجود وثائق مادية ملموسة ساقها رئيس الجمهورية عمر البشير بمشاركة مدرعات مصرية في الأحداث.. بتقديمها مساعدات لوجستية للحركات المسلحة ممثلة في حركة العدل والمساواة  وتحرير السودان جناح مناوي مؤخراً، ورغم  الاتهامات من جانب السودان إلا أن الزيارة قد تضع إجابات للاستفهامات حول الاتهام الذي نفاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي …هل ستفي الزيارة بالغرض المأمول منها… ام ستكون كمماثلتها لوزير الخارجية المصري بعد زيارته للخرطوم في ابريل الماضي؟…
الدرس الاول..
كانت زيارة غندور  للقاهرة تأجلت  بعد أن كان مقرراً لها الأسبوع المنصرم… وحيثيات التأجيل ظلت غير معلنة في ظل توقعات مراقبين أن تكون بسبب مبدأ التعامل بالمثل… حيث كان وزير خارجية مصر قد أجل زيارته للخرطوم  في المرة السابقة، فضلاً عن مشاركتها بالدعم في  أحداث  دارفور الأخيرة التي فقد فيها السودان الكثير، وهي بذلك حاولت إرجاع السودان لمربع الحرب الأول..
ملفات حساسة…
حسب مصادر دبلوماسية ل«الصحافة» ان ابرز الملفات التي حملها وزير الخارجية هي مناقشة نتائج اجتماعات اللجنة القنصلية السودانية المصرية التي استضافتها القاهرة منذ نحو شهر…وفي لقائه مع الرئيس السيسي تم الاتفاق على تشكيل لجنة أمنية استراتيجية بين الجانبين ..
وتعهد السيسي بتقصي الحقائق حول المدرعات المصرية بدارفور…كما تم بحث الموقف بالنسبة لتنفيذ الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقع عليها الجانبان خلال اجتماعات اللجنة المشتركة العليا السودانية المصرية التي عقدت في أكتوبر الماضي برئاسة الرئيسين …بالاضافة الى المشاورات وحسم ملفات شائكة بين البلدين، تتركز حول القضايا الثنائية.. وسبل إنهاء بعض المشكلات الاقتصادية، ولا سيما قرار الخرطوم بحظر استيراد المنتجات الزراعية والحيوانية المصرية.
حقوق..لاتصعيد!
بالرغم من اطلاق الاعلام المصري على خطوة الخرطوم بتقديم شكوى ضد مصر في مجلس الامن ب«التصعيد» في حملته الحادة تجاه السودان الا ان تأكيدات العديد من الخبراء جاءت في سياق ان ذلك حق اصيل لاي دولة لديها سيادة …بالتعامل قانونياً مع اي مهدد لاوضاعها الداخلية الى ان يثبت العكس…. حيث تعهدت الخرطوم بتقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد القاهرة، تتهمها فيها بدعم المتمردين في إقليم دارفور..بالاضافة الى شكوى مماثلة إلى الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا والجامعة العربية في القاهرة.
قرارت اقتصادية صادمة لمصر..
برزت آخر مظاهر توتر العلاقات بين البلدين.. عندما وافق رئيس الوزراء بكري حسن صالح على حظر دخول السلع المصرية الزراعية والحيوانية إلى السودان مع إلزام القطاع الخاص باستيراد السلع مباشرة من بلد المنشأ من دون عبورها بمصر.
وقال مجلس الوزراء في بيانه بموقعه الإلكتروني، إن رئيس الوزراء أصدر قراراً بإجازة «توصيات اللجنة الفنية الخاصة بمتابعة قرار حظر السلع المصرية الزراعية ومنتجاتها عبر الموانئ والمعابر الحدودية والموجودة داخل الحظائر الجمركية الواردة من مصر».
وكان السودان يستورد من مصر الفاكهة ومنتجات الأسماك، كما أن منتجات عدد من البلاد العربية تمر عبر الأراضي المصرية إلى … كما أصدر اللواء حسن محمد حسن، معتمد محلية بحري الاسبوع المنصرم قرارا بمنع بيع الأواني المنزلية من قبل بائعين متجولين أجانب…ويعمل مصريون في بيع الأواني المنزلية في الخرطوم، ومدن الولايات. وصدرت العديد من الشكاوى من المواطنين حول هذه الظاهرة في الفترة الماضية.
نتائج حاسمة..
وحول التوقعات لنتائج الزيارة يقول المحلل السياسي دكتور أسامة زين العابدين «نتوقع من هذه الزيارة توضيح من القاهرة للوزير  ما ثبت حدوثه في دارفور مؤخراً… وباعتباره مسؤول الملف الأول يجب أن ينقل لمصر نبض الشارع والدولة السودانية التي تمكنت  بعد حروب طويلة من إعادة الهدوء والأمن والاستقرار لدارفور… بجانب أنها تتنظر بعد شهر رفع العقوبات الاقتصادية، بعد أن تقدمت الحكومة في المطلوبات الخمسة المحددة»…
ويقول الدكتور إبراهيم الرشيد المحلل الاستراتيجي، يجب أن يقدم وزير الخارجية المصرية توضيحاً حول الموقف الأخير، ولماذا تورطت مصر في الإقليم في الوقت الذي يحترم فيه السودان كافة المواثيق وعلاقات حسن الجوار، وأنه قاب قوسين أو أدنى من رفع العقوبات الأمريكية في يوليو القادم، والتخوف المصري من بزوغ السودان كقوة إقليمية استراتيجية بالمنطقة،  بجانب مسألة تلكؤ الجانب المصري في إنفاذ الاتفاق الذي أبرمه وزيرا خارجية البلدين في العشرين من أبريل المنصرم بالخرطوم، بجانب التصعيد  المصري في منطقة حلايب، وهدم الجيش المصري لمنازل العزل هنالك…بينما يري زين العابدين أن الآليات الراهنة التي تعمل على توطيد علاقات البلدين أثبتت فشلها..ووصفها بالآليات التقليدية فشلت في إحداث اختراق في العلاقات، ودفع  بمقترحات بتكوين آليات تتمثل في اشتراك القوات العسكرية والاستخباراتية في حلحلة المشاكل والملفات التي ظلت عالقة لعقود من الزمان، وباتت تمثل قوة ضغط للقضايا، بجانب اعتماد تجربة القوات المشتركة لضبط الحدود بين البلدين، لاسيما في أعقاب نجاح تجربة القوات المشتركة بين السودان وتشاد، ويرى أن على مصر التخلي عن أجندتها في زعزعة أمن السودان، خاصة أنه يمكن أن يشرع في إجراءات تهدد أمنها مباشرة، أولها منع استيراد المنتجات المصرية التي أقرها مجلس الوزراء موخراً، بجانب اللجوء للمؤسسات الإقليمية والدولية لإثبات حقه في الدفاع عن نفسه وشعبه، لاسيما في ظل وجود شركاء إقليميين ودوليين ساهموا كثيراً في العمل علي استقراره وأمنه توطئة لاستقرار الإقليم.
القبول بالوساطة…
واكد المحلل السياسي د/ الطيب زين العابدين ضرورة القبول بوساطة من دولة عربية لمصلحة البلدين التي لابد ان تكون مبنية على التعاون، لافتاً الى ان السودان يقف على ارض صلبة وموقفه واضح فيما يلي قضية حلايب وسد النهضة ، وذهب زين العابدين قائلاً« بحسب تبريرات الجانب المصري فان المدرعات المصرية اذا كانت قد بيعت لصالح اللواء حفتر في ليبيا فإن استيراد السلاح محظور على ليبيا بقرار اممي، وبذلك يكون الجيش المصري قد ارتكب جريمة».
اجمع مراقبون على ان الأزمة بين البلدين ناتجة عن قرار سياسي.. ويمكن تصحيح الاوضاع المتدهورة عبر مراجعة التوجهات السياسية وخلفياتها الاستراتيجية.. وفتح صفحة جديدة تؤسس للمصالح المشتركة والجوار الحسن…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق