الأحد، 4 سبتمبر 2016

ليبيا..وجهة لحركات دارفور المتمردة

عبدالباسط غبارة – بوابة افريقيا الإخبارية
عادت إلى الواجهة الاتهامات بمشاركة الحركات المسلّحة الدارفورية في الحرب الليبية،من بوابة المواجهات في جنوب ليبيا بين قوة حماية الكفرة ومجموعة تابعة للحركات الدارفورية،إضافة إلى مواجهات مع مسلحي متمردي حركة “العدل والمساواة” الدارفورية فى واحة زلة.
وفي ظل غياب الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية على وجه الخصوص، يتحول الجنوب الليبي الممتد بين الحدود الجزائرية غربًا والحدود المصرية شرقًا، ومن تحتها حدود كل من السودان والنيجر وتشاد، إلى ساحة مفتوحة أمام نشاط عصابات الإجرام وتهريب السلع والبشر والسلاح، والتنظيمات المسلحة، وعلى رأسها الجماعات الدارفورية، التي بدأ ظهورها العلني في بعض مناطق الجنوب الليبي أمرًا مألوفًا من قبل سكان تلك المناطق.
وتُوجّه أصابع الاتهام بالقتال في الكفرة مباشرة لحركة “العدل والمساواة”، وحركة “تحرير السودان” وهما حركتان اتُهمتا في وقت سابق بالقتال إلى جانب القذافي ضد الثوار عند اندلاع الثورة الليبية في عام 2011.وكان نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي قبل سقوطه يُمثّل داعماً أساسياً لهذه الحركات، خصوصاً بعد تحسّن علاقات السودان مع تشاد وإقدام الأخيرة على طرد الحركات الدارفورية من أراضيها في 2010.
الكفرة
وأشارت الأنباء الواردة من جنوب ليبيا أن مجموعة من قوة حماية الكفرة تحاصر مجموعة تابعة للحركات الدارفورية التي تقوم باختطاف المُواطنين على الطريق العام بين “الكفرة وجالو”، لجهة انتهاكها لعدة جرائم بحق المُواطنين.وأعلنت قوة حماية مدينة الكفرة الواقعة أقصى الجنوب الشرقي أنها قضت على 3 من متمردي دارفور خلال اشتباكات جرت الأربعاء 31 أغسطس/آب في “وادي الفارغ” بصحراء الكفرة، وأن وحداتها تحاصر مجموعة من المسلحين الدارفوريين يستقلون 15 عربة.
وفي فبراير الماضي شهدت منطقة بوزريق القريبة من مدينة الكفرة مواجهات مسلحة بين كتيبة من الجيش الليبي مسنودة من أهل المدينة ومجموعة مسلحة تابعة لـ”حركة تحرير السودان”، جنوب المدينة بنحو 100 كلم، تكبدت فيها الأخيرة خسائر كبيرة، انسحبت إثرها من المناطق القريبة من المدينة التي كانت تتمركز فيها.
يُذكر أن التقرير النهائي لخبراء الأمم المتحدة في ليبيا الصادر في فبراير 2016 قد اتهم طرفي النزاع الرئيسيين في ليبيا بالاستعانة بمسلحين ينتمون إلى حركات التمرد في دارفور حيث ورد فيه ” أن فريق الخبراء تلقى أدلة قوية على تورط جماعات “دارفورية” مسلحة في أوباري والكفرة.
وتُعتبر مدينة الكفرة من أكبر المدن الليبية مساحة، وتقع على الحدود مع دولة تشاد من جهة الجنوب، ومن الجنوب الشرقي مع السودان، ومع مصر من جهة الشرق. وهي تمثّل القلب النابض للتجارة مع السودان وتشاد، كما تمثّل نقطة لنقل المساعدات الدولية من الأمم المتحدة إلى إقليم دارفور. وللمدينة، وفق خبراء عسكريين، أهمية قصوى لأي خطط موضوعة للسيطرة على الحدود بين السودان وليبيا.
واحة زلة
وفي سياق ذي صلة،شهدت واحة زلة (750 كيلومترا جنوب شرق طرابلس) الثلاثاء 30 أغسطس 2016 مواجهات مع مسلحي متمردي حركة “العدل والمساواة” الدارفورية؛ ما أدى لمقتل مواطن بالبلدة.وأشار رئيس المجلس التسييري زلة صالح الأمين، إلى أن مسلحي حركة “العدل والمساواة” كثفوا تواجدهم العسكري على مداخل البلدة ونصبوا حواجزها العسكرية، وسط حالة من الغضب الشديد في صفوف المدنيين على ما يجري من اعتداءات.
وكشفت الأحداث التي شهدتها بلدة زلة التي تبعد بنحو 750 كلم جنوب شرق طرابلس،الثلاثاء، أن البلدة تمتلئ بالمقاتلين الأفارقة وخاصة متمردي دارفور السودانية بعد طردهم من منطقة الكفرة مطلع العام الجاري.وقدرت إحصائيات سودانية أعداد متمردي حركة دارفور ب 1000 مقاتل يقودهم جابر إسحق ورجب جو، فيما أشارت ذات الإحصائية إلى تمركز ذات القوى بواحة مرادة بنحو 350 عنصرًا.
مرتزقة
ومع احتدام الأزمة الليبية واندلاع القتال في دولة جنوب السودان وفقدان الحركات المسلحة الدارفورية للسند الإقليمي مع التقلّبات التي شهدتها المنطقة، فقدت هذه الحركات الكثير من حلفائها، ما جعلها تبحث عن مخارج، وهو الأمر الذي يفسّره مراقبون بمشاركة قواتها في الحرب الليبية،مقابل الحصول على الأموال والسلاح.
وفي هذا السياق، قال قائد قوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن والمخابرات السوداني محمد حمدان دلقو خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم لعدد من القيادات الأمنية الثلاثاء 30 أغسطس/آب إن حركات متمردي دارفور المسلحة انتقلت بعد طردها من الإقليم إلى جنوب السودان وإلى ليبيا، وهي تعمل هناك “كمرتزقة وتهرب البشر”.
وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير أعلن خلال زيارته عاصمة ولاية شمال دارفور في أول أبريل الماضي “إن دارفور صارت خالية من حركات التمرد، بعد أن أصبح المتمردون (مرتزقة) يحاربون في ليبيا وجنوب السودان من أجل الدولارات”، حسب تعبيره.
تاريخ المتمردين في ليبيا
وبدأت علاقة الحركات المتمردة بليبيا منذ نشأتها في العام 2003م حيث وفر لها القذافي الدعم اللوجستي والعسكري بهدف محاربة الحكومة السودانية.وشاركت تلك الحركات المتمردة إلى جانب القذافي ضد الثوار إبان الثورة الليبية، وحصلت على مبالغ مالية وأسلحة وذخائر وإمدادات انسحبوا بها إلى دافور بعد سقوط القذافي ، واستهدافهم من قبل الثوارالليبيين.
ومنذ مارس 2015 شاركت الحركات المتمردة في القتال بين قبيلتي التبو والطوارق بمنطقة أوباري دعماً لقبيلة التيبو وشاركوا في الهجوم على الكفرة وخسروا في المعارك بعض عرباتهم وعتادهم وعناصرهم.كما شاركت قوات التمرد في مناطق سبها وبنغازي.وهاجمت قوة مسلحة من متمردي دارفور معظمها من قوات مني أركو مناوي ومقاتلي التبو مدينة الكفرة،بهدف سلب ونهب البنوك والمؤسسات والمنازل ومحطات الوقود ، ولكنها منيت بخسائر في الأرواح والعتاد.
اهتمام أممي
وأثار وجود مسلحين من دارفور داخل الأراضي الليبية اهتمام الأمم المتحدة من خلال تقرير خبرائها المقدم إلى مجلس الأمن مطلع العام الحالي، الذي جاء فيه: “تلقى الفريق أدلة قوية على تورط جماعات دارفورية مسلحة في أوباري، لا سيما في الكفرة، وأفاد أشخاص من دارفور أُجريت مقابلات معهم بوجود أفراد مقاتلين من كل من حركة العدل والمساواة وفصيل جيش تحرير السودان بقيادة على كاربينو، فصيل ميني ميناوي”.
وفي حديث نشرته صحيفة “الحياة” اللندنية في فبراير الماضي، أكد ناطق باسم “الحركة الشبابية لتحرير السودان” في دارفور وجود “بعض قوات الحركة متمركزة داخل الأراضي الليبية”، غير أنه نفى مشاركة هذه القوات في القتال مع أي طرف ليبي.فيما أكد المركز السوداني للخدمات الصحفية أن حركات التمرد الدارفورية أعادت تمركزها في عدد من المناطق داخل الأراضي الليبية، في وقت عززت فيه تحالفها مع بعض القبائل المحلية في المناطق الليبية الغنية بالنفط، بعد طردها من منطقة الكفرة، مطلع العام الحالي.
ويؤكد مراقبون،أن تدفق المهاجرين والمسلحين نحو الجنوب الليبي كالقنابل الموقوتة التي ستنفجر لا محالة في شكل فوضى عارمة تتجاوز السياسة والأمن والاقتصاد، إلى النسيج الليبي الاجتماعي نفسه، وسيبقى الجنوب مستباحًا، إذا ما ظلت البلاد رهينة الانسداد السياسي وغياب الدولة بكل مؤسساتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق