الأربعاء، 4 أبريل 2018

التقارير الدولية.. تقاطعات المصالح وتنازع الأهواء!!

واحدة من أكثر أدواء التعاطي الدولي للشؤون الإنسانية، تعدد المنظمات وتعدد ميول ومصالح كل منظمة، وتقاطع تلك المصالح في أحيان عديدة مع توجهات ومصالح دول وقوى دولية بعينها!
على سبيل المثال فإن السيد (جيرميا ماماميو) الممثل الخاص لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) التي تقوم بمهمة حفظ السلام في اقليم دارفور منذ أكثر من (10) أعوام قدم مؤخراً – الجمعة 23 مارس 2018 – تقريراً مطولاً كان كله مركزاً حول الأوضاع الأمنية في دارفور. تقرير الممثل الخاص خلص إلى (غياب شامل للحرب في دارفور)- على حد تعبيره، وحصر التقرير مجمل المأزق في الاقليم إلى بقاء الحركات المسلحة خارج العملية السلمية! هذا التقرير من مسؤول لصيق ومتابع عن كثب للأوضاع كاف للغاية لاثبات استقرار الأوضاع في الاقليم خاصة وأن الجهة الموجه لها التقرير هي مجلس الأمن صاحب السلطة القانونية في التعامل مع الوضع، وهو أيضاً من أصدر قرار ارسال البعثة المشتركة للقيام بمهمة حفظ السلام في الاقليم، بالمقابل وعلى النقيض من ما حواه هذا التقرير قالت مسؤولة برنامج الغذاء العالمي في تقرير لرئاستها في الخرطوم – في وقت متزامن – (ان الأوضاع الأمنية في اقليم دارفور غير مستقرة)! وأشارت الى استمرار وقوع ما أسمتها جراءم الخطف واطلاق النار والسرقات والنهب والاغتصاب!! ومن المؤكد أن من يمعن النظر في تقرير هذه المسؤولة يدهش غاية الدهشة لعدة أسباب، السبب الأول أن المسؤولة الأممية مسؤولة عن برنامج غذاء وخوضها في الجانب الأمني، أياً كانت تقديراتها هو بمثابة تجاوز مريع لاختصاصها وليس أول على ذلك من أن المسؤول المختص بالأمن والسلامة في ذات برنامج الغذاء العالمي الذي يشاطر المسؤولة المعنية المهمة في مدينة الفاشر اورد تقريراً مغايراً لما أوردته وذكر أن الاوضاع الأمنية في الاقليم مستقرة والا صحة للجرائم التي أوردتها المسؤولة الأممية!! أما السبب الثاني فإن المسؤولة نفسها ومع إيرادها لهذا التقرير عن سوء الأوضاع اقرت في الوقت ذاته أن سوء الأوضاع لم يؤثر على عمل برنامج الغذاء العالمي!! وكأني بالمسؤولة الأممية تغالط نفسها، وتثبت وتنفي وفق مزاج متقلب! أما السبب الثالث الداعي للدهشة، فهو أن برنامج الغذاء العالمي يقوم بمهامه وعملياته بالتنسيق مع جهات عديدة ولا يتصور أن يقوم بهذه المهام منفرداً ولهذا فإن البرنامج – بالضرورة – على اتصال بالبعثة المشتركة وبالمنظمات الأخرى العاملة في الاقليم والتي لم يتبرع أحداً منها قط بما تبرعت به هذه المسؤولة، كما أن البرنامج ينسق ايضاً مع السلطات الحكومية المحلية هناك.
فلو كان الأمر كذلك لما تناقض ما قالته هذه المسؤولة مع تقرير الممثل الخاص للبعثة المشتركة ولا مع تقارير السلطات الحكومية، ولا حتى – على أدنى تقدير – مع مسؤول الأمن والسلامة في البرنامج نفسه الذي ناقض ما قالته مسؤولته جملة وتفصيلاً! واقع الامر أن هذه التقاطعات في التقارير، والتجاذب المزاجي، وتناقض الرؤى والأهواء هي التي ظلت تعصف بحقائق الواقع في أنحاء عديدة من العالم على وجه العموم وفي السودان على وجه الخصوص وقد دفع السودان أثماناً باهظة في هذا الصدد لسنوات مضت، فقط نتيجة لهذه التناقضات المستندة الى تقاطع المصالح للقوى الدولية!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق