الأربعاء، 24 أغسطس 2016

منظمات دولية تتوارى خجلاً عن لاهاي!

في السابق وقبل عام أو عام ونيف كان ضجيج محكمة الجنايات الدولية عالياً! المدعية العامة للمحكمة (فاتو بنسودا) كانت كثيراً ما تقتفي أثر سلفها (أوكامبو) ولكن بأسلوبها الخاص حينما تضع تقريراً بارداً برودة الثلج أمام منضدة مجلس الأمن. وكان
واضحاً ان الشغل الشاغل للاهاي، القادة الافارقة على وجه العموم، والرئيس السوداني على وجه الخصوص.
وبالطبع هناك من صدق -حتى من بين خبراء القانون المرموقين فى مختلف دول العالم- ان محكمة الجنايات الدولية جادة وتنشد العدالة! الآن تبدل الحال كثيراً بما يجاوز 180 درجة اذا جاز التعبير. محكمة الجنايات الدولية أحالت وجوه الذين كانوا يؤمنون بها ويدعمونها الى اللون الأحمر،  كناية عن الحياء والخجل!
 ليس فقط لأنها ظهرت على الملأ بثياب عدلية متسخة تفوح منها رائحة المال والحسابات المصرفية الخاصة جداً، فقد كان هذا أمراً متوقعاً، إذ ليس من المعتاد ان يجري اختيار موظفين فى مؤسسة كهذه اعتباطاً! ولكن الأدهى وأمرّ من فضيحة المال والحسابات الخاصة والمبالغ الفلكي الذي كشفت عنه مصادر صحفية لم يطعن في مصداقيتها أحد؛ أن الفضيحة ما تزال بلا رد ولا تحقيق ولا تبرير!
القضاة هم أنفسهم لم يستقل أحد منهم على الاقل احتجاجاً على الشبهة التى لا تحتملها اجهزة العدالة. مجلس الامن الدولي المنوط به عمليات المحافظة على قدسية المحكمة –كونه هو الذي يحيل اليها الدعاوي– لزم الصمت هو الآخر، على الرغم من ان تفاصيل الفضيحة بلغت آخر نقطة في أنفه واتضحت له معالمها بجلاء.
الجمعية العمومية للمحكمة التى تضم دولاً أوربية تدعي بلوغها اقصى درجات الرقي والنزاهة ويستقيل فيها المسئولين حتى ولو أخذ فلساً واحداً لا يستحقه وصاروا مضرب الامثال فى نزاهتهم الاوربية المزعومة؛ لم يحركوا ساكناً!.. منظمات الشفافية التى برعت فى إصدار القوائم الدورية حول درجة الشفافية في هذه الدولة أو تلك لم تتحرك اجهزة استشعارها لاستشعار شفافية محكمة الجنايات الدولية!
منظمة العفو الدولية المولعة بنشر الجرائم والانتهاكات على مستوى دول العالم لم تجهد نفسها فى (المطالبة بإجراء تحقيق فقط) فى هذه المزاعم والاتهامات فى جهاز عدلي دولي بهذا المستوى. منظمة هيومان رايتس ووتش مع أنها أوهمت العالم بأنها متخصصة فى حقوق الانسان في حل الانسان وترحاله أينما وجد، لم تجد ما يدفعها الى الطالبة بالتحقيق في الانتهاكات التى وقعت من قبل (قضاة) المحكمة، والتى أدت لانتهاك حقوق الشهود (بتقديم المال لهم وإغرائهم)، وانتهاك حقوق المتهمين المحتملين (بتقديم ادلة إثبات) فاقدة لصلاحية!
ويجب ألا يعتقد بعض المهتمين بحقوق الحقوق الانسان ان هيومان رايس ووتش ينحصر عملها فى نطاق الدول وحدها؛ هي أيضاً بنص نظامها الاساسي معنية بأية انتهاكات مخالفة للقانون أياً كانت المنطقة او الجهة او الشخص. كل هذه الجهات خفت صوتها ومن ثم خفت بريق لاهاي، وتحولت الانظار الى وجهات أخرى، ترى هل هي صلوات جنازة المحكمة؟ أم انها اللحظات التاريخية الفارقة التى تبدأ عندها التحولات المأساوية الكبرى التى ما فتئ العالم يشهدها بفعل اختلال المعايير وغلبة القوة على القانون وتلاعب الكبار على موائد القمار الدولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق