الأربعاء، 24 أغسطس 2016

مماحكات الحركات السودانية المسلحة في أديس.. أسباب ومبررات!

لا شك ان من أقوى وأكبر أسباب مناورات الحركات السودانية المسلحة وترددها حيال عملية التفاوض فى أديس ابابا -بعد قبولها وتوقيعها على خارطة الطريق- ان هذه الحركات المسلحة -لسوء حظها من جهة، ولطبيعة المتغيرات في الساحة
السودانية عموماً- تفتقر علمياً وعملياً لعناصر الحركة المسلحة.
ولا شك ان المجال هنا ليس للتعريف العلمي والأكاديمي، كما لا شأن لنا بقياس ووزن كل حركة على حدا، أو كل الحركات هذه مجتمعة لنعرف الى اي مدى يمكن القول انه يجب ان يحسب لها حساباً سياسياً! لندع كل ذلك جانباً ونرى -بموضوعية وجدية- ماذا كانت هذه الحركات المسلحة (الحركة الشعبية قطاع الشمال، والحركات الدارفورية المسلحة) تمثل قطاعاً جغرافياً أو أنها تملك (ارضاً وشعباً) يؤهلها لكي تصبح قيادة لتيار سوداني ما، يستحق معه هذه الحركات هذا الغدو الرواح السياسي من الخرطوم الى أديس ابابا جيئة وذهاباً في كل عام مرة أو مرتين!
من المفروغ منه: أولاً، ان الحركات الدارفورية المسلحة الرئيسية (أركو مناوي، وجبريل ابراهيم، عبد الواحد محمد نور) هي الآن وفي هذه اللحظة تحديداً خارج ناطق مسرح القتال فى اقليم دارفور, فهي إما في أحراش دولة الجنوب تقاتل مقابل المال والدعم في مضمار المقاولات الحربية، أو في صحراء ليبيا او متخفية، متحاشية لأي مواجهة فى رقعة خفية فى دارفور.
دليلنا المادي القوى على ذلك تحاشيها الواضح القبول بمبدأ وقف العدائيات المفضي الى وقف إطلاق النار، حيث يقتضي وقف اطلاق النار تعيين خطوط وجود القوات على الأرض، وأماكن تمركزها وتحركاته. هذا التحاشي لا يحتمل سوى معنى واحد، إنها غير موجودة على ارض الواقع ولا تريد ان ثبت ذلك عملياً!
ثانياً، لو ان الحركات الدارفورية المسلحة كانت موجودة على الارض -دعك من أن تكون مؤثرة او تحتل منطقة من المناطق- لما جاءت قط الى المفاوضات مهما زعمت أنها واجهت ضغوطاً، فهي بنت حساباتها على تحقيق نصر استراتيجي كاسح على الجيش السوداني. ومن ثم فإن قبولها بخارطة الطريق ينهي هذا الهدف، الى الأبد، ويجعلها فى واقع الامر (في حاجة الى مراهنة على الوقت)!
 ثالثاً، بالنسبة للحركة الشعبية قطاع الشمال فإن وضعها وحده يكفي أصدق دليل على تذبذب مواقفها ومحاولة شراء الوقت فهي من جهة: ضعيفة عسكرياً الى حد الهزيمة وخير دليل على ذلك محاولتها الفاشلة استغلال العمل الانساني لكي تفتح لنفسها ثغرة للحصول عى إمدادات. أنظر الى منطق قادة الحركة في التفاوض حول تمديد قوافل العون الانساني وكيف أنها تريد ان تمر بنطاق جغرافي معين يتيح لها (تمرير) مؤن ودعومات ربما تعيدها الى مسرح القتال لاحقاً!
وهي من جهة ثانية مثقلة بمأساة الحركة الشعبية الأم المتصارعة على نحو مزري ومؤلم فى دولة جنوب السودان. وهي تشعر بأن حلفائها فى الخارج فقدوا حماسهم تجاهها، فهي (شبل من تلك اللبوة) الشرسة التى تأكل بينها بنهم فى جنوب السودان!
ما من عاقل من حلفاء الحركة الغربيين لديه حماس الآن حيال الحركة الشعبية قطاع الشمال، إذ تكفي تجربة (البعر) للدلالة على البعير! كل هذا فإن هذه الحركات المسلحة تجد مشقة بالغة فى خوض مفاوضات هي بمثابة امتحان نهائي لمقررات سياسية لم يتسن لها الاطلاع عليها ولو للحظة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق