الخميس، 2 أبريل 2015

تأمين الانتخابات.. خطوات تنظيم

تقرير : محمد عبد العزيز
تشير بعض التقديرات إلى أن "25%" من الانتخابات التي جرت في إفريقيا في الآونة الأخيرة أسفرت عن أحداث عنف، مما أدى لمقتل المئات، وتشريد الآلاف، وكان للدول المجاورة للسودان نصيب الأسد من ضحايا العنف الانتخابي خاصة في النسختين الكينية والكنغولية، وحتى النسخة المصرية (أريقت على جوانبها الدماء)، مما جعل الجميع يرتجف، ويضع يده على قلبه، ويحبس أنفساه عند دنو ساعة الاستحقاق الانتخابي في كل بلد يعاني من متلازمات الاحتقان السياسي.
الأمر الذي جعل الكثيرين يتوجسون خيفة مع اقتراب ساعة الانتخابات في السودان في العام 2010 إلا أن الأمور سارت على ما يرام، لذلك عندما حان ميقات الانتخابات الحالية، تساءل الكثيرون عن الترتيبات الأمنية لتأمين الانتخابات.
وأعلنت مفوضية الانتخابات ورئاسة قوات الشرطة عن وضع حزمة من التدابير والخطط لتأمين العملية الانتخابية المقبلة في ذات الوقت الذي كشفت فيه عن رصد أكثر من (70) ألف شرطي و(5) آلاف ضابط للتأمين.
من جانبه قال الفريق عبد الله الحردلو مسؤول ملف التأمين بالمفوضية إن هناك تنسيقاً محكماً بينهم والشرطة لتأمين الانتخابات المقبلة.مستعرضاً عمليات توزيع القوائم الانتخابية والترتيبات التي تمت في هذا الشأن، مشيراً إلى إنشاء (18) لجنة تأمين بولايات السودان المختلفة تعمل بتنسيق تام مع المركز، مؤكداً عدم رفع أي بلاغ من أية ولاية حول وجود خروقات حتى الآن.
من جانبه قال الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة اللواء السر أحمد عمر في المؤتمر الصحفي الذي عقد بـ(المركز السوداني للخدمات الصحفية) بعنوان (تأمين الانتخابات. المفاهيم والتحديات) إن الشرطة هي المسؤولة عن تأمين الانتخابات، وأنها بدأت في استعداداتها منذ عام عبر وضع خطط إستراتيجية وبرامج تستوعب كل مراحل الانتخابات، مؤكداً التعامل مع كل المستجدات والمتغيرات والاحتمالات وتوفير الأعداد المطلوبة من القوات لكل الولايات.
وبالعودة لحديث الناطق الرسمي باسم الشرطة فقد أشار إلى أنهم قاموا بحصر جميع المهددات المحتمل حدوثها أثناء الانتخابات ووضع التحوطات لها، بجانب عمليات التدريب والإعداد للقوات، مؤكداً أن الشرطة ستقوم بتأمين كل مكونات العملية الإنتخابية، مشيراً إلى تكوين لجنة عليا للتأمين برئاسة نائب مدير عام الشرطة تضم كافة المختصين بجانب إنشاء غرفة مركزية وغرف بالولايات تعمل على اتصال دائم وتنسيق تام مع المركز.
ويمكن اعتبار هشاشة التجربة الديمقراطية في السودان من أسباب العنف الانتخابي في السودان، وتتبدى مظاهرة في عدة أشكال أهمها حدة الخصومة السياسية، وعدم القدرة على المنافسة وفق قواعد اللعبة الديمقراطية إضافة لأشكال التعصب الديني أو الجهوي أو الحزبي خاصة حينما يقود للإثارة والاستفزاز في أجواء انتخابية مشحونة، لا تعترف بالخطوط الحمراء في سبيل الفوز وتتصدر أزمة دارفور قائمة المخاطر بتمظهراتها المختلفة. في المقابل ترسم المليشيات المسلحة وانتشار السلاح صورة قائمة عند التفكير في أشكال العنف المحتمل حدوثه. وانتقال السودان من العنف البسيط إلى ما هو أخطر وأشرس بكثير وتتحسب الأجهزة الأمنية لأية محاولة لاستهداف المواقع الانتخابية بأعمال تخريبية. أو القيام بعمليات اغتيال سياسي أو محاولة قيادة انقلاب عسكري لقطع الطريق على الانتخابات بجانب منع أية محاولة للتلاعب بالانتخابات عبر استخدام أساليب فاسدة بنص القانون علاوة على التصدي للأنشطة العدائية التي تسعى لتعكير أجواء الانتخابات والسلامة العامة، سواء أكانت نشاطات لجماعات متطرفة أو نزاعات تأخذ طابعاً قبلياً.
ووفقاً لذلك تختلف الترتيبات الأمنية من مكان لآخر تبعاً للمهددات الأمنية، لذلك فقد وضعت الشرطة بالمشاركة مع القوات النظامية الأخرى ترتيبات تأمينية خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
أما الخبير الأمني الفريق العادل العاجب فيقول في حديث سابق أن استعدادات الشرطة للعملية الانتخابية تبدأ منذ وقت مبكر، بالتركيز على نقطتين أساسيتين هما احترام القانون، واحترام حقوق المواطنين المنصوص عليها في الدستور، ولفت العاجب إلى مفهوم آخر للتأمين غير الأمن المادي هو  حماية عقول المواطنين من التشويش.
ويعتبر عاجب أن المكايدات السياسية واللجوء للعنف والقوة في فرض مواقف معينة وانتشار الأسلحة النارية غير الشرعية يعد من مخاطر تأمين الانتخابات، ورسم ضمن السيناريوهات التخابر مع كيانات أجنبية وتنفيذ برامج ومخططات رسمية في الخارج تستهدف الانتخابات وزعزعة البلاد، وحصرها في ورقة له بعنوان (المهددات الخارجية للانتخابات)، في توفير السلاح عبر الوسطاء لتقوية بعض المجموعات وتمكينها من مواجهة السلطة، إضافة لتقديم الدعم اللوجستي والمالي لبعض القوى السياسية لدفعها لتنفيذ مخططات معادية وأشار إلى أن من المخاطر سعي الجهات الخارجية عبر العناصر الوطنية في الداخل لخلق فوضى تستدعى الاستعانة بالخارج لتهدئة الأوضاع.
أول سابقة سجلت في تاريخ السودان لاستخدام السلاح في موقف مرتبط بالانتخابات كانت من قبل السلطات الاستعمارية عندما تصدت الشرطة للتظاهرات التي اندلعت ضد انتخابات الجمعية التشريعية عام 1948م، والتي سقط فيها عشرات الضحايا في عطبرة ومدن أخرى.
وأيضاً كان الهجوم المسلح الوحيد المتعمد الذي جرى خلال العملية الانتخابية في إبريل 1965م من قبل أنصار حزب الشعب الديمقراطي على مراكز الاقتراع في حلفا الجديدة والشمالية، وتسبب في سقوط ضحايا من المواطنين والشرطة.
أما ما دون ذلك فيمكن أن يوصف بأنه مجرد نزاعات أو تفلتات محدودة، وغير منظمة تحدث قبل وأثناء وبعد العملية الانتخابية، أما العنف فيحدث عادة قبل وبعد الانتخابات فقط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق