الثلاثاء، 8 مايو 2018

الحريات الدينية.. حقوق محفوظة وفق التشريعات والدستور

ظلت قضايا الحقوق والحريات الدينية بالسودان، ذات إهتمام وأولوية من قبل الحكومة والمواطن معاً، فالحرية الدينية أو حرية المعتقد أو حرية التعبد هو مبدأ يدعم حرية الفرد أو المجموعة في الحياة الخاصة أو العامة في إظهار دينهم أو مُعتقداتهم أو شعائرهم الدينية سواء بالتعليم أو الممارسة أو الاحتفال.
وتعد الحرية الدينية من قبل الأفراد و الدول في العالم حق أساسي ويندرج تحت المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك تعتبر من أهم حقوق الإنسان الأساسية.
وقد إهتم دستور السودان الإنتقالي لسنة 2005 كغيره من الدساتير السابقة بموضوع التعايش الديني وأفرد له مكانة كبيرة، وقد أمن على إحترام التعددية وكفالة حرية الأديان، وحق الجماعات الدينية في تشريعات مستمدة من عقيدتها، وتمكين غير المسلمين من الإستثناء في تطبيق الاحكام الإسلامية حيثما كان وتنظيم حقوق الأسرة وفقاً للشرائع بجانب احترام التنوع الثقافي والديني.
فبحسب المادة (1) من الدستور فإن طبيعة الدولة، دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والأعراف والأديان كما تلتزم الدولة وفق الفقرة (2) من الدستور بإحترام وترقية الكرامة الإنسانية وتؤسس للعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتتيح التعددية، بينما أكدت الفقرة (3) على أن السودان وطن واحد جامع تكون فيه الأديان والثقافات مصدر قوة وإلهام.
ويعد السودان من أكثر دول العالم إتاحة للحريات الدينية والتعايش السلمي، وخير دليل لذلك حديث العديد من قيادات الكنائس العالمية الذين زاروا السودان مؤخراً ” ككبير أثاقفة كانتبري جاستين ويلبي، والبابا ثيودروس الثاني بابا وبطريرك الكنيسة اليونانية الارذودكسية” والعديد من القيادات الكنسية.
وفي هذا الإطار أشار وزير الإرشاد والأوقاف ابوبكر عثمان ابراهيم، الى أن نصوص الدستور السوداني الانتقالي 2005 تعزز حرية الأديان و توليها اهتماماً خاصاً، وأبان إن المسيحين بالسودان يعيشون في سلام ووئام ومحبة، ووصف دعاوي بعض المنظمات الغربية التي تسوق لعدم وجود تعايش وحريات دينية بالبلاد، بأنها دعاوي سياسية.
وقال عثمان إن السودان دون غيره من دول العالم يتمتع بحرية دينية وتعايش سلمي كبيرين.
ولأهمية الحريات الدينية فقد قام السودان بإدراجها في القوانين المتعامل بها في البلاد، ويشير كبير المستشاريين القانونيين مولانا سالم على بلايل بأن التناول الخاطئ للدين قد يتسبب في كثير من الإشكاليات في المجتمعات ذات التعدد الديني ، وأضاف في ورقته التي أعدها حول (الحريات الدينية في القوانين الوطنية) إلى ان السودان أمة ذات تنوع كبير عرقياً وثقافياً ودينياً ، وأبان أن التعدد الديني ينبع من كريم المعتقدات المحلية والأديان السماوية المعروفة، ويمتد ذلك ليشمل التقسيمات الطائفية داخل الديانة الواحدة.
وأوضح ان دساتير السودان إهتمت كثيراً بالحريات الدينية ، وأن المادة (6) من دستور 2005 نصت على ضرورة احترام الدولة لحقوق العبادة والتجمع وفقاً لشعائر أي دين أومعتقد وإنشاء أماكن لتلك الأغراض والمحافظة عليها، وإنشاء وصون المؤسسات الخيرية والإنسانية ومراعاة العطلات والأعياد والمناسبات وفقاً للعقائد الدينية.
كما نص الدستور وفق المادة (38) على حرية العقيدة وأن لكل انسان الحق في العقيدة والعبادة وله الحق في إعلان دينه أو عقيدته والتعبير عنها عن طريق العبادة والتعليم والممارسة وأداء الشعائر أو الإحتفالات وفقاً للقانون والنظام العام، وأيضاً كفل الدستور حق التعليم لكل مواطن، وعلى الدولة أن تكفل الحصول عليه دون تمييز على أساس الدين أو العنصر أو العرق أو النوع أو الإعاقة، فضلاً عن الحقوق الثقافية وعدم التمييز في الخدمة المدنية.
وتأكيداً لإحترام الدولة لللحقوق، فقد صادق السودان على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية في العام 1986 وعلى الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري في العام 1977 وصار ملزماً بأحكامها.
ويضيف بلايل إن القانون الجنائي لسنة 1991 أفرد بدوره حيزاً كبيراً للجرائم التي تشكل إهانة للعقائد الدينية وإثارة الكراهية، حيث أشارت المادة (64) من القانون، إلى أن كل من يعمل على إثارة الكراهية أو الإحتقار أو العداوة ضد أي طائفة أو بين الطوائف بسبب اختلاف العرق واللون واللسان وبكيفية تعريض السلام العام للخطر يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز سنتين والغرامة أو العقوبتين معاً.
وأيضاً تحدثت المادة (127) من القانون الجنائي عن تدنيس أماكن معدة للعبادة والتشويش عليها وذكرت أن كل من (يخرب أو يدنس مكاناً معداً للعبادة أو أي شئ يعتبر مقدساً لدى طائفة من الناس أو يعترض أو يشوش على أي إجتماع دون مسوغ قانوني قاصداً بذلك إهانة ذلك الدين أو تلك الطائفة يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز سنة أو الغرامة أو بالعقوبتين معاً).
ووفقاً لقانون زواج غير المسلمين لسنة 1926 وحسب المادة 4 فإن الدولة تعترف بزواج غير المسلمين سواء تم وفقاً للديانات الأخرى أو الشرائع الدينية السابقة السائدة وفقاً للعرف.
وانتقد مراقبون المفاهيم الخاطئة لدى بعض الدوائر الدولية حول الحريات الدينية في البلاد وقالوا إن الدستور السوداني يكفل الحريات الدينية ويتيح حرية العبادة وإنشاء المؤسسات الدينية، وتملّك وحيازة الأموال الخاصة بطقوس وعادات أي دين، كما يتيح كتابة وإصدار وتوزيع المطبوعات الخاصة بالمجموعات الدينية، وأشاروا إلى أن ما تتيحه القوانين والتشريعات للحقوق والحريات الدينية بالسودان يفتقد في الكثير من دول العالم، وأكدوا أنها نابعة ومكتسبة اجتماعياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق